ثلاث تجارب من التشكيل العراقي المهاجر تلتقي في تونس

المقاله تحت باب  معارض تشكيلية
في 
14/12/2008 06:00 AM
GMT




معلقات فنية تختزل الشكل

الفن دائما يمنح متلقيه ومتذوفيه عدة حالات للانتماء والتلاقي بصريا وحسيا ، والفن التشكيلي كان وما زال له صفاته المألوفة كواحد من اوجه النشاطات الانسانية الاكثر توثيقا لحركة حياة البشر وقربا من مؤشرات تأريخهم . فهو صورة مرئية وهو صورة حسية متخيلة تظهر دائما عبر وسائط من المواد وتقنيات اظهارها ، لذلك كان له مواقع زمانية ومكانية معا ، فالرسم والنحت والخزف والنسيج كلها صفات لحالات ظهوره المادية، ولكن ارتباطاته الحسية والفكرية تسقط اهدافها في موقع واحد وهو مناطق التذوق الانساني لاهدافه الجمالية والفنية معا... وبعيدا عن مواصفات العرض التقليدية والتجارب الممسوخة لمدارس المتاحف القديمة يقدم ثلاثة فنانين ينتمون لحركة التشكيل العراقي المهاجر ، العراقيان شنيار عبدالله (خزاف) ،سعدي عباس بابلي ( رسام) و يحيي الشيخ (كرافيك) تجاربهم مع الشكل (فلسفة وتقنية ) في اختلاف واضح ومع الفن تطورا ومعاصرة في تلاقي واضح ايظا، في عرض مشترك في فضاء ( كان ) للفنون في العاصمة التونسية تونس وزمانه هو السادس من كانون الاول عام 2008 .

التقنية الخزفية

شنيار عبد الله خزاف امتدت تجربته طويلا، قدم خلاصة خبرته مع ( الراكو ) التقنية الخزفية التي حملها معه من الولايات المتحدة الامريكية حيث درس الفن الي بلده العراق اوئل سبعينيات هذا القرن ولاكثر من ثلاثين عام مع ( الراكو) التقنية التي احتوتها اعماله الجديدة ، علاقته مع الشكل ما زالت هي نفسها حيث يجد في تداخلات الحجارة وتكوينها الطبيعي عاملا اساسيا في وضع لمساته الفنية عليها فهو يقارب اعماله من ( واقعية خيالية ) لانه يري الواقع في خياله ويشكله من الطين ثم يجعل من (الراكو ) ردائه الاخير في العرض المطلوب ، وكانوا نقاد السطح الصوري دائما يرون في شنيار عبد الله شاهدا تاريخيا للخزف المتطور في العراق ولكن النقاد التحليليون وهم قليلون في محيطنا التشكيلي الناطق بالعربية يرون فيه انه معامل جيد بين توافقات الطبيعة المرئية وحس الصدفة التلقائي في حركة اللون وتقلبات الشكل الخارج عن سطحه فهو مرة يمنحه هوية الصعوبات التعبيرية ومرة اخري يذهب به الي اقصي درجات التقارب الواقعي وهو في اعماله الجديدة نقل تشكيله الي موقع اقرب انتماء الي تجارب الخزف العالمي الجديد وهو بذلك منح نفسه مرة اخري هوية الابداع لفناني ارض الرافدين.
 
 
الكرافيك
 

تجربة اخري تمنحك هوية الاقتراب منها هي اعمال يحيي الشيخ . قدم الشيخ اعماله الجديدة في معلقات مزجت بين تشكيل مختزل للشكل حمل صفاته الكرافيكية التي عرف بها وبين تقنية التداخل النسيجي للصوف (اللباد) هذه التقنية القديمة اصلا والتي استخدمها العراقيون القدماء والتي منحها الشيخ حالة اخراج جديدة والتي تمنحك شعورا اخر بين مشاهدة لوحة مختزلة استبدل رداء العرض لها من الزيت علي الكانفاس او الحبر علي الورق الي النسيج الصوفي المتداخل وهو ما عرف به خلال سنوات العرض السابقة التي قدمته في بلده النرويج ومدن اوربية اخري، اللون فيها يصل الي مديات جمالية مع العلاقات المشكلة في السطح اما الشكل فهو اختزال تعبيري لما هو مقدر له ان يسقط في ذاكرة الاخرين وهو ليس سهلا في منح نفسه للتلقي يحتاج الي مدارك تستطيع تنظيم معادلات الربط بين ماهو مرئي في العين وما هو متصور في الذهن .
 
 
المنحوت والمرسوم

العرض الثالث تقدمه اعمالي والتي ساكتفي بتقديمها فقط لقارئ الزمان وهي امتداد اخر لتجارب التشكيل الجديد التي ما زلت اقدمها امتازت اعمال العرض هذا بتقديم ممازجة اخري بين الرسم والنحت والتي اسماها مايك sclupainting دردنيان وهو احد كتاب صحيفة ستار الاردنية
هوية عرض جديدة وممازجة معاصرة بين ما هو مرسوم وما هو منحوت في تشكيل فضائي وبتقنيات من القماش والبلاستك والخشب والوان الزيت والجديد ايظا في هذا العرض انه وضع نهاية لسلسلة لوحات عشتار التي وصلت الي اكثر من 150 لوحة ومعارضها التي توزعت بين نيويورك وعمان وتونس .
المعرض الجديد هذا قدم اعمالا من هذه التجارب الثلاثة وهو اشارة اخري من اشارات الضوء للفن التشكيلي العراقي المهاجر هذا الفن الكبير الذي امتدت مساحته بعد اعاصير الهجرة العراقية الي ابعد مسافات الارض فمن زوايا جبال نيوزلندا الي شوارع المطر في الارجنتين هناك فنان عراقي مازال يرسم وينحت ليري العالم اجمل حالما مرة اخري ان يري الشمس اكثر جمالا في ارض الحضارات والانسان ولكي يكتمل اللقاء بين الفن المهاجر وفن الوطن ليتشكل من جديد ابداع اخر من ابداعات التشكيل العراقي .