المقاله تحت باب سينما و مسرح في
05/10/2008 06:00 AM GMT
تخيّل نفسك وحيداً في غرفة مظلمة أمام جهاز الكمبيوتر. ثم تخيّل أنّك دخلت موقع You Tube، وسجّلت في خانة البحث عبارة «حرب العراق». ماذا ستشاهد؟ جنوداً أميركيين يقتحمون حياً شعبياً منخفض المباني، يدّعون أنّه مركز للإرهابيين، مشاهد تبثها «القاعدة» عن اعتقال رجل وإعدامه أمام العدسات، صوراً عن جنود أميركيين يغتصبون نساءً عراقيات، مجزرة، الانتظار على حواجز التفتيش، شهادات لجنود أميركيين يرفضون الممارسات المشينة في حرب العراق... وهذه هي مشاهد فيلم Redacted الذي نزل أخيراً إلى الصالات اللبنانية. كيف تكون شاهداً على حرب؟ يبني المخرج الأميركي براين دي بالما فيلمه على منطق المتجوّل على صفحات الإنترنت. يشاهد حرب العراق، ومن بين ما يرى مشهداً لاغتصاب فتاة عراقية من جنود أميركيين. أحد الجنود يرفض أن يكون شاهداً على هذه البشاعة، نراه وعيناه اغرورقتا بالدموع. من المفترض أن يمثّل هذا الجندي صوت ضمير أميركي ما يناديه دي بالما ليرى. بريان دي بالما الذي حصل على «الأسد الفضي» عن Redacted («منقّح» من الرقابة) في «مهرجان البندقية» 2007، استطاع أن يذهب أبعد من مجرّد توليد التعاطف الإنساني لدى مشاهديه. هذا المخرج المعروف بشغفه اللامحدود بالاشتغال على الإشكاليّات الفنّية المتعلّقة بالتمثيل البصري للعواطف الإنسانية التي تتنازع الضمير الأخلاقي حيال مآسي الحرب وآلامها، استطاع هنا أن يستعمل المادة الإعلامية الخام لملف اغتصاب فتاة عراقية من جنود أميركيين، مقدّماً مرافعةً فنيةً وسياسيةً قويّة تجعل من الشاشة مرآةً قاسيةً تعكس للجمهور الأميركي الوجه القذر للحرب التي تخوضها بلاده في العراق. يستعين الفيلم بكاميرا منزلية (DV) يؤرشف من خلالها أحد الجنود يوميّاته في العراق. نشاهد حادثة اغتصاب الفتاة من خلال هذه الكاميرا، أو واحدة شبيهة بها. هذا ما يراه الجندي. الفيلم الذي صُوّرت أحداثه في الأردن، تعرّض لحملة قاسية لدى عرضه في الصالات الأميركية، وعُدّ بأنّه «يحرّض على المزيد من العنف ضدّ الجنود الأميركيين في العراق» فيما وُصف مخرجه بأنّه «الولد السيئ في بلادنا». دي بالما، من جهته، رأى أنّ شريطه يرسم صورة واقعية لممارسات الجنود الأميركيين في العراق، مُظهراً كيف جرى «تبييض صورة هؤلاء الجنود في الإعلام الأميركي».
|