فن نسوي عريق يصرخ في وجه الحصار والدمار

المقاله تحت باب  معارض تشكيلية
في 
29/04/2008 06:00 AM
GMT



ثمانون عملا فنيا في معرض 'تشكيليات عراقيات' لمواجهة كل وجوه الحصار وسعيا لتأكيد وجود فن نسوي عريق.

تعرض ثمانون لوحة في معرض تقيمه جمعية التشكيليين العراقيين في بغداد، اعمال 55 فنانة تشكيلية عراقية من اجيال عدة سعيا الى تأكيد وجود فن نسوي عريق يتحدى كل وجوه الحصار.

ويضم معرض "تشكيليات عراقيات" الاول من نوعه، اعمال فنانات من مراحل تاريخية عدة في مقدمتهن الرائدات، الراحلة نزيهة سليم، ومديحة عمر ووداد الاورفلي.

وحرصت ادارة المعرض الذي افتتح السبت على مراعاة التسلسل التاريخي، فوضعت اعمال هذه الاسماء في صدر قاعة المعرض.

وقال الناقد عضو ادارة جمعية التشكيليين العراقيين صلاح عباس ان "اقامة هذا المعرض بهذا الحجم اللافت من المشاركة يجعله خطوة مهمة على طريق الفن التشكيلي النسوي في العراق".

واضاف ان الاعمال المعروضة "تمثل مداعبات للحياة المحاصرة بالدمار"، مشيرا الى "تنوع اساليبها واتفاق مضامينها".

ورأى الناقد التشكيلي ان "هذه الاعمال استغرقت وقتا طويلا وتحمل غصات في اعماقها وتشترك في موقف واحد يتمثل بحمل الهم العراقي واخفائه خلف الوان متعددة عبر اكثر من دلالة رمزية لايصال مواضيعها".

وتراوحت الاعمال المعروضة بين استلهام المعاناة الانسانية من مآس وحزن في عدد من اللوحات وتوظيفها بطريقة مدهشة، والاهتمام الذهني لعدد كبير من الفنانات في استلهام روح بغداد القديمة والفولكلور العراقي.

وقال نقاد ومهتمون بالفن التشكيلي النسوي العراقي ان لوحة الفنانة العراقية الرائدة وداد الاورفلي (85 عاما) من ابرز الاعمال التي ضمها هذا المعرض، موضحين انها "طفحت بالروح البغدادية والازقة القديمة لمدينة تعلقت بها كثيرا واحبتها".

وتحتفظ دائرة الفنون التشكيلية للاورفلي بلوحتين عرضت واحدة منها في هذا المعرض بينما علقت الثانية في قاعة العرض التابعة للدائرة.

ويرى النقاد ان الاورفلي المولودة في بغداد عام 1929 "سيدة الالوان والمآذن والقباب البغدادية"، مؤكدين انها "برعت في رسم هذه التفاصيل الجميلة الممتعة الى حد التعلق الكبير بها من قبل عشاق الفن التشكيلي العراقي".

واهتمت وداد الاورفلي التي كانت تملك قاعة للعرض تحمل اسمها في شارع الاميرات في منطقة المنصور تعرضت للتخريب والدمار، بالتراث العربي. وقد بدا ذلك واضحا في اكثر من معرض اقامته في بغداد كان اخره "منمنمات في التراث العربي" في 1980.

ومنحت دار القصة العراقية في العاصمة الاردنية عمان هذه الفنانة العراقية جائزة قلادة العنقاء الذهبية، معتبرة انها "واحدة من معالم مشوار الفن التشكيلي في العراق".

وقد اقامت الاورفلي التي اكملت دراستها لمدة اربعة اعوام في معهد الفنون الجميلة في بغداد عدة معارض في بون في 1964 ونيويورك (1966) ولندن (1969) والاردن (1969 و1979).

وفي المعرض ايضا، لوحة للفنانة العراقية الراحلة ليلى العطار التي قضت عندما قصفت الطائرات الاميركية منزلها في 1993.

وتؤكد اللوحة التي رسمتها العطار قبل وفاتها بعدة اعوام وتظهر فيها سلسلة من الاشجار تخفي خلفها عاشقين اثنين، الاهتمام الاستثنائي الذي اولته العطار للمرأة الحاضرة في كل اعمالها.

والى جانب الرائدات، ضم معرض "تشكيليات عراقيات" تجارب لافتة لعدد من الفنانات اللواتي عبرن عن ارادة في حضور واضح في الساحة التشكيلية النسوية مستقبلا، من بينهن انغام محمد جواد اموري التي هيمنت على لوحة كبيرة من اعمالها نساء بدائيات.

وقالت الفنانة التشكيلية زينب الركابي ان "وجود اعمال لفنانات شابات الى جانب انجاز ابداعي لاسماء مرموقة في حقبة تاريخية مهمة مثل بهيجة الحكيم والراحلتين نزيهة سليم وليلى العطار يمثل دافعا معنويا كبيرا لهن".

واشار نقاد ايضا الى الفنانة التشكيلية يسرى العبادي التي تعمدت مزج الرموز التعبيرية والتجريدية في لوحة متفجرة بالالوان، وزهراء صلاح اصغر فنانة مشاركة في المعرض لا يتجاوز عمرها 21 عاما.

من جهتها، قالت الفنانة التشكيلية لميعة الجواري ان مشاركتها تشكل "فرصة للتخلص من اثار الحصار الذي تعانيه الفنانة التشكيلية العراقية في الوقت الحاضر وسط غياب واضح لقاعات العرض في زمن تكالبت فيه المصاعب والمشاكل الحياتية".

واضافت الجواري المتخرجة من اكاديمية الفنون الجميلة في بغداد في 2003 "لا تتوفر امامنا بدائل لاطلاق الاعمال سوى مثل هذا المعرض الذي اقدمت على اقامته جمعية التشكيليين العراقيين".

واكدت ان هذا المعرض "قد لا يشكل انعطافة لنا لكنه خطوة نوعية مضافة لمسار الفن التشكيلي النسوي".