المقاله تحت باب في الموسيقى والغناء في
01/11/2008 06:00 AM GMT
الأمثال الشعبية هي المرآة الأكثر سطوعا لعكس ما يختلج في نفوس أسلافنا بشكل صادق ، وكانت تعد القوانين التي تنظم العلاقات الاجتماعية بين الناس ، وقد طرقت أغراضا متعددة ، ومن المعروف أن الأمثال تضرب ولا تقاس ، وفي اعتقاد العراقيين أن من يضرب المثل هو رجل حكيم كبير السن اكتسب خبرته في الحياة نتيجة للتجارب العديدة التي خاضها ، وانه لم يدع أمرا إلا وكان له فيه رأيا ، أو حكمة ، أو موعظة ، أو عبرة ، ليكون درسا لباقي الناس ليتعلموا منه ويفادوا منه حتى لا يكررون الأخطاء التي وقع فيها أسلافهم. كما لا تخلو الأمثال من الانتقاد اللاذع للحياة ، وقد ورد في مثل غربي انه لاشيء ينبئ عن روح الشعب أكثر من أمثاله. فالأمثال في كل قوم خلاصة تجاربهم ومحصول خبرتهم ، وهي من أحسن ضروب التعبير عما تزخر به النفس من علم وخبرة وحقائق واقعية. فقد وردت الأمثال في القرآن الكريم وكذلك في الأحاديث النبوية الشريفة ، وفي كافة الكتب والديانات السماوية ، ومختلف المعتقدات الأخرى كالبوذية ، والزرادشتية ، وغيرها من الأساطير القديمة والحضارات التاريخية القديمة المختلفة كالصينية ، والهندية وورودها على لسان الحيوانات مثل كليلة ودمنة وغيرها. كما وردت عند الحكماء من أمثال لقمان الحكيم فضلا عن الأنبياء ، والأولياء ، والتابعين ، والصالحين ، والفلاسفة ، وفي أحاديث وأقوال وخطب الخلفاء ، والولاة ، والمصلحين ، والخطباء ، والعلماء ، والقادة ، إذ ذهبت أقوالهم أمثالا ، وكانت كلماتهم كحكم وأمثال وموعظة أنارت الطريق للعديد من الناس. ومن الملاحظ أن المتتبع للاغاني الشعبية العراقية بكافة أطيافه ، وقومياته ، وأقلياته المتآخية ، ومذاهبه وأديانه المتنوعة ، يجد ورود العديد من الأمثال الشعبية في نصوص مختلف تلك الأغاني ، ومن الواضح على هذه الأغاني أن مؤلفيها استخدموا في نصوصها أمثالا شائعة الاستعمال من قبل عامة الشعب ، والعكس صحيح تماما ، إذ ظهرت أغاني اشتهرت بين عامة الناس وأثرت معاني كلماتها في نفوسهم وسلوكهم وتصرفاتهم ، وأصبحت تتداول كلمات نصوصها فيما بينهم وتضرب كمثل شعبي ، وقد يحتوي نص الأغنية على أكثر من مثل وحكمة وعبرة في نفس الوقت. فهذه الأغاني تحمل في طيات كلماتها ومعانيها المعبرة ، الأمثال المتداولة والحِكَم الشعبية التي كانت بمثابة دروس وعبر اجتماعية قَيّمة نتيجة الخبرة في الحياة ، كانت تصل إلى المستمع من خلال هذه الأغاني ، ولهذا نجدها ظلت راسخة في أذهان وعقول اغلب العراقيين الذين واكبوا ظهورها والإصغاء إلى ألحانها الجميلة وكلمات نصوصها المعبرة سواء كان ذلك في ليالي الجالغي في المقاهي الشعبية ، أو من خلال الاستماع إليها عن طريق جهاز الحاكي (الكرامفون) ، أو بثها عن طريق الإذاعة ، أو التلفزيون ، فضلا عن العديد من الأغاني التي شاعت في مناسبات اجتماعية مختلفة وفي فترات زمنية متعاقبة. كما ونجد استخدامات كثيرة للموسيقى والغناء وآلات الطرب في الأمثال الشعبية العراقية وورودها في أكثر من مثل شعبي وتداولها بين العراقيين في مختلف نواحي حياتهم الاجتماعية
|