المقاله تحت باب في الموسيقى والغناء في
28/08/2007 06:00 AM GMT
ذكرت في حلقة سابقة أن معرفة المستمع بخصائص ما يسمعه مسألة ضرورية تساعد كثيراً على الاستمتاع بالموسيقى والاستفادة منها . واليوم نبدأ بشرح أنواع التأليف الغنائي العربي . للغناء العربي أنواع مختلفة لها قواعد وأصول منها ما هو مشترك وشمولي وآخر يختص به هذا البلد العربي أو ذلك .
القوالب الشمولية 1- الأهزوجة والأغنية الشعبية 2- الأغنية الحرة 3- النشيد 4- الموال 5- القصيدة الغنائية 6- الموشح 7- المغناة ( الأوبرا ) 8- الغناء الديني ( طرق الذكر – طرق المولد- التراتيل الكنسية- أغاني الحجاج- رثاء النادبات- تشييع الجنازة- الأذان- قراءة القرآن).
أما أهم القوالب ذات الخصوصية المحلية فهي : 1- الدور في مصر 2- القدود في سوريا 3- المقام في العراق 4- المألوف في المغرب العربي 5- أغاني الزار في السودان 6- الصوت والغناء البحري في اليمن والخليج العربي
وسنأتي على شرح هذه الأنواع سالفة الذكر.
1- الأهزوجة والأغنية الشعبية وهي نوع من التأليف الغنائي العربي القديم ’ يسمونه في مصر ( طقطوقة ) لخفة اللحن وسهولة حفظه ، وهي أغنية شعبية دارجة تلحن في سلم موسيقي واحد ، وغالباً ما يقتصر لحنها على جنس موسيقي فقط ، أي لا يتعدى لحنها حدود الأربع أو الخمس درجات صوتية. والأغاني الشعبية نوعان ، منها ما لا يعرف مؤلفها وملحنها ، أي أنها إنتاج عفوي ، وهي تدخل تحت سقف الفولكلور (Folklore ) وتكون أكثر بساطة في اللحن . ومنها ما هو أوسع لحناً نسبياً وهي الأغاني الشائعة ( Popular Songs ) ويكون مؤلفها أو نلحنها معروفاً في أغلب الأحيان . كما أن لحنها يحوي في بعض الأحيان أكثر من جنس موسيقي أي يلحن الجزء الأول منها ( المذهب ) في سلم وتلحن الأجزاء الأخرى ( الأدوار ) في سلالم أخرى . وقد تكون في أجناس مختلفة .إن إيقاع الأهازيج والأغاني الشعبية بسيطة ، أما نصوصها فتكون باللهجة الدارجة . وتختلف الأهزوجة عن الأغنية الشعبية في مواضيعها التي تحث على العمل والتغني بالأوطان أو تمجيد الأبطال والشهداء وغيرها من المواضيع السياسية والاجتماعية الأخلاقية . أما مواضيع الأغاني الشعبية فتكون غالباً عن الحب والعلاقات الانسانية والتقاليد الاجتماعية .
2- الأغنية الحرة ( المونولوج ) قالب لأغنية يغنيها فرد واحد دون مشاركة المجموعة ، وقد توسع العرب في معانيه وفي بنائه الموسيقي دون الالتزام بأي حدود ، فتداخل هذا القالب مع بقية القوالب الغنائية كالأغاني الشعبية والموشحات وغيرها. وأصبح معنى تسمية الأغنية الحرة مطابق تماماً لواقع هذا القالب إلا التزامه فقط بالغناء الانفرادي .
3- النشيد قالب غنائي نظمه شعر فصيح ولحنه مماثل لطابع المارش . ينشد فردياً وجماعياً ويلحن على موازين بسيطة ، قليل الفواصل الموسيقية ، غالباً ما يلحن في سلم العجم ( ماجور ) خاصة إذا كان النص حماسياً ، وقد يلحن بسلالم أخرى .
4- الموال هو لون من ألوان الغناء المرتجل ، غير موزون ، يعتمد على براعة وإمكانية المغني في الانتقال بالألحان من جنس موسيقي إلى آخر ، ويبدأ عادة بكلمات ( يا ليلي يا عيني ) أو ( أوف يابه ) أو بالآهات . وتتفرع من هذا اللون أنواع مختلفة تختص بها منطقة عربية دون اخرى مثل العتابا والميجنا وأبو الزلف وغيرها في بلاد الشام والنايل والسويحلي والمحمداوي وغيرها في العراق والليالي في مصر وما الى ذالك .
5- القصيدة الغنائية أرقى انواع الغناء العربي بعد الموشحة ، مضمونها شعر فصيح من أحد بحور الشعر المعروفة، أما الحانها فتتميز بالدقة والتفنن بالانتقال من جنس موسيقي لآخر، وقد تطورت صياغتها الفنية فأصبحت لها مقدمة وفواصل موسيقية طويلة، تبنى ألحانها من الوحدة الطويلة أو المصمودي الكبير أو الصغير ، وقد تتضمن القصيدة الغنائية الواحدة عدة موازين .
6- الموشح الموشح كنص ، فن قائم بذاته مستخرج من الشعر . وقد يشبه أوزان الشعر غير أنه لا يتقيد بها من حيث وحدة القافية . يغلب فيه اللغة الفصحى والقليل منه منظوم باللغة العامية . ولسنا بصدد استعراض فن الموشح كنص، لكننا سنشرح قالبه الغنائي بالتفصيل . ينقسم الموشح الى ثلاثة أقسام من ناحية ترتيب تلحينه يسمى القسم الأول بدنية أولى أو الدور الأول يتبعه الدور الثاني والثالث أحيانا مبنيا على نفس اللحن والميزان . أما القسم الثاني فيسمى الخانة أو السلسلة . ويغلب تلحينه من الأصوات الحادة لسلم الموشح الموسيقي . أما القسم الثالث فيسمى القفلة أو الغطاء ويبنى على ميزان ولحن البدنيات ( الأدوار ) . تتميز ألحان الموشحات بالتفاصيل الدقيقة للزخارف اللحنية ، والتطابق المتقن بين نقاط القوة والضعف في الميزان أو ما يطلق عليه ( الدم والتك ) مع النص الشعري . ولضبط هذا التطابق يعمد الملحن أحيانا إلى استخدام مفردات لغوية مثل يا ليلي – يا عيني – يا للي – آه . . . . الخ .
7- المغناة ( الأوبرا ) وهو أصعب أنواع التأليف الغنائي ، لحاجته إلى التعبير الموسيقي الدقيق لمضمون الكلام أو الموسيقى المعبرة عن المشهد التمثيلي بانفعالاته المختلفة . وقد أخذ العرب هذا النوع من التأليف الغنائي من أوربا لكنهم استخدموا قالب الأوبريت ( المسرحية الغنائية ) الذي يشتمل على مقاطع تمثيلية بدون غناء أو استخدام الأداء التوقيعي ، خلافا للأوبرا التي تكون كلها مغناة . تمتد جذور الأوبرا إلى الدراما اليونانية القديمة ، ومولدها في نهاية القرن السادس عشر في فلورنسا بايطاليا . عرضت أول أوبرا عام 1597 م وأول تجربة للأوبرا في المنطقة العربية قدمت في القاهرة عام 1871 م وهي أوبرا عايده من تأليف الموسيقار الأيطالي ( فيردي ) . ثم توالت التجارب في أوربا ، فتطور الاتجاه في فرنسا من الدراما الموسيقية الألمانية المكثفة إلي الدراما الشاعرية الغنائية المرتبطة بالأوبرا الهزلية . وقدمت المدرسة الروسية النموذج الأصلي للملحمة الدرامية الموسيقية المبنية على أحداث تاريخ البلاد . أما عن تجارب المسرح الغنائي العربي ، فمن غير الممكن تحديد بدايته بالتجارب الأولية التي أدخلت فيها بعض الأغنيات الخفيفة ضمن المسرحيات ( الكوميدية خاصة ) لتوسيع رقعة جمهور المسرح ، كما فعل أبو خليل القباني وغيره ، بل يمكننا القول أن أولى التجارب القريبة عموما لشكل المسرحية الغنائية ( الأوبريت ) كانت في مصر على يد الموسيقار خالد الذكر ( سيد درويش ) . فقد قدم مجموعة من الأوبريتات امتلكت الى حد كبير مواصفات المسرح الغنائي . وفي لبنان كانت مسرحيات الرحابنة الغنائية أكثر تطوراً وتنوعاً ونضوجاً . وقدمت نماذج متفرقة من المسرحيات الغنائية في العراق مثل( أوبريت بيادر خير ) عام 1969 وفي سوريا واليمن والمغرب العربي .
القوالب ذات الخصوصية المحلية : 1- الدور في مصر: زجل مصري يشبه الموشح بتركيبه ، ينظم متحرراً من فصاحة اللغة والأوزان العروضية . وهو قالب غنائي ينتقل فيه الملحن بين أجناس موسيقية مختلفة ثم يعود في النهاية إلى اللحن الأساسي ودرجة ركوزه في أغلب الأحيان ، وربما يتم الاستقرار على أحد فروع السلم الأساسي . ظهر الدور في النصف الأول من القرن التاسع عشر على يد الشيخ محمد عبدالرحيم المسلوب ثم اكتمل بناؤه الفني على يد عبده الحمولي ومحمد عثمان . مرّ تكوين قالب الدور موسيقياً بأربعة مراحل أساسية : المرحلة الأولى : كانت صياغته قريبة الشبه بالطقطوقة . مكوناً من مذهب وأغصان . فالمذهب تؤديه مجموعة ( المذهبجية ) بجانب الأغصان عدا الغصن الأول الذي يؤديه المغني الرئيسي . والمذهبجية جماعة من ذوي الأصوات الحسنة يبلغ عددهم أربعة على الأكثر ويسمون أيضاً ب( السنّيدة ) ، وظيفتهم ترديد الآهات وبعض الجمل الغنائية في الدور ، وهم يتبادلون الغناء مع المغني الرئيسي في الجزء المسمى ب( الهنك ). وكان لحن الغصن والمذهب واحداً وميزانه في أغلب الأحيان الوحدة البسيطة 4/2 . المرحلة الثانية: أدخل على الغصن تنويعات لحنية تنتقل من سلم موسيقي لآخر ، كما أدخل على الدور ( الهنك ) ، وهو التبادل الغنائي بين المغني والمذهبجية . المرحلة الثالثة: تميزت بإدخال الجمل الموسيقية ( اللوازم ) أثناء أداء المذهب والأغصان ، والتوسع في ترديد الهنك الذي ينطلق فيه المغني بارتجالاته وإبداعاته بإعادة الأغصان بأشكال مختلفة وتنقلات نغمية متعددة حسب إمكانياته الصوتية وقدرته على الإرتجال . يتألف المذهب من ثلاثة أجزاء : أ- لحن يعتمد على السلم الأساسي للدور بجنسيه ( الجذع والفرع ) . ب- لحن يتجه إلى الدرجات العليا للسلم . ج- عودة إلى درجات جنس الجذع والاستقرار على درجة ركوزه . ويكون الميزان مصمودي كبير 4/8 أو وحدة كبيرة 4/4 . يلي ذلك فاصلة موسيقية تتكرر تهيئة للبدء بالغصن . أما الغصن فهو جملة غنائية يؤديها المغني منفرداً بلحن الجملة الأولى من المذهب وبكلمات مختلفة . ثم يؤدي ثلاث إلى أربع جمل أخرى تفصلهما لازمة موسيقية تساعد المغني على تكرار الجملة الأولى . وهذا التلوين يسمى ( الحركات ) . ثم يبدأ المغني بجمل غنائية مستخدماً كلمة ( آه ) يرددها مجموعة المذهبجية من بعده ، يلونها بأكثر من ثلاث مرات . وفي المرة الأخيرة يؤديها بشكل يُشعر فيه المجموعة بانتهاء التلوين وعندها يرددوا الجملة الأساسية الأولى . يتكرر هذا التبادل التجاوبي بين المطرب والمجموعة في جمل لحنية جديدة أخرى ، إلى أن يؤدي المغني بكلمة ( آه ) درجة صوتية معينة بزمن محدد ثم يشترك الجميع ( المطرب والمذهبجية ) في غناء الجزء الأخير من المذهب حيث ينتهي الغصن ومعه ينتهي لحن الدور .
2- القدود في سوريا
وهي غناء لمجموعة من الأغنيات قريبة التركيب من الموشحات ، يسبقها موال ( ليالي ) ، وعادة ما تكون الوصلة كاملة من سلم موسيقي واحد .
3- المقام العراقي في العراق
المقام قالب غنائي غير موزون له قواعد وأصول . ارتجالي لكنه محكوم بنظام يحدد الأجناس الموسيقية التي يتوجب أن ينتقل إليها المغني من بداية المقام إلى نهايته . وتحدد تلك القوانين أيضاً نوعية النص الشعري . فبعض المقامات يقرأ فيها شعر فصيح وبعضها الآخر شعر عامي – زهيري - . كما إن بعض المقامات تغنى مع خلفية إيقاعية موزونة .
4- النوبة في المغرب العربي النوبة في اللغة هي الدور ، وقد استعملت هذه اللفظة في صدر الدولة العباسية للدلالة على المدة التي كانت تخصص للمغنين عند مثولهم بالتناوب أمام الخليفة قصد استعراض ما عندهم من عزف وغناء . والنوبة كاصطلاح موسيقي في المغرب العربي هي مجموعة من القطع الغنائية والآلية التي تتوالى حسب نظام مخصوص ومعروف . وكل نوبة تحمل اسم الطبع ( أي السلم الموسيقي ) الأساسي التي بنيت عليه ألحانها . والقطع الغنائية التي تتألف منها النوبات عبارة عن موشحات أو أزجال أو (براول ) أي أشعار باللهجة العامية المغربية . وتسمى النوبات أيضاً في المغرب باسم ( موسيقى الآلة ) ، وفي الجزائر تسمى ( الصنعة الجزائرية ) ، أما في قسنطينة وتونس وليبيا فتسمى ( المألوف ) .
5- أغاني الزار في السودان وهي أغان خاصة لها هويتها المحلية تغنى في السودان بمصاحبة آلة الطنبورة ( الكنارة ) على العموم ، وأحياناً تصاحبها آلات نفخ كالناي والمزمار والأرغول وآلات اكسيليفون خشبية تتكون صناديقها الخشبية من قطع من القرع الناشف مختلفة الأحجام موضوعة تحت النغمات الخشبية . أما الآلات الإيقاعية فمتنوعة كالدفوف والطبول والشخاليل . كما تستعمل بعض الأدوات الغريبة التي تربط في الوسط أو الأيدي .
6- الصوت وأغاني البحر ( النهمة ) في اليمن والخليج العربي الصوت نوع من الغناء عرفه الأولون في بداية نشأة الأغنية العربية . والصوت معناه اللحن ( أي الميلودي ) . وهو على نوعين : الصوت العربي والصوت الشامي . والنهمة مصطلح عرفه البحارة بإطلاق الصفة على أغاني البحر عامة ، وهي تنقسم إلى ثلاثة أنواع : أ- اليامال : وهو نوع من الغناء يختص بالسرد الإلقائي ( ريسيتاتيف ) على ظهر السفينة وخارجها . ب- الخطفة : وهي نوع من الغناء يختص برفع أشرعة السفينة . ت- الحدادي : وهو ما يغنيه البحارة لاستعادة نشاطهم وقت الراحة .
|