المقاله تحت باب سينما و مسرح في
30/10/2008 06:00 AM GMT
طوى رمضان المبارك ايامة الطيبة ومر على العراقيين مرور الكريم على صحبه الموجوعين بالخوف والانتظار والصبر ,استعانوا به لاحتمال واقع الحياة اليومي اليباس ,عل الدعاء والرجاء يصل الى ملكوت الله فيبعث رحمة وألفة ورفقا يحيل ايامهم القادمات الى امان، واطل مع رمضان تيار من البرامجيات والمسلسلات والفعاليات التي كان للعبة المحيبس القدح المعلى فيها,وتنافست الفضائيات العراقية في تقديم كل ما تستطيع تسويقه الى المتلقي العراقي خلال هذا الشهر الفضيل,فأقتحمت عليه حياته بما كان يدعو الله كي يجنبه اياه.
فحوادث الاختطاف والقتل والرعب التي يعيشها يوميا طالعها عبر تلك الفضائيات على شكل مسلسلات تلفازية تظهر وتعكس بشاعة مايحدث في العراق من قتل يومي وموت عبثي ومفخخات وعبوات وتنازعات وتهجير قسري ومنازعات وتحزبات وتفرقة طائفية وعوضا عن بث روح الامل والتسامح والتأكيد على اللحمة العراقية ولم الصف العراقي لمواجهة كارثة الاحتلال والاتفاق لحفظ سيادة وطن .
تعاونت اغلب الفضائيات العراقية وبتنافس حام على عكس الصورة القاتمة ,في حين اتجه عدد اخر من الفضائيات العراقية لتقديم اعمال تهريجية كل مافيها مسطح وركيك تحت ذريعة النقد والتعريض والاحتجاج من دون ان تطرح البدائل وتناشد العقل الواعي .فكأن القائمين على تلك الاعمال كانوا يهدفون الى استغفال المتلقين والضحك على ذقونهم بحجة النقد والتعريض !!
وفضائية عراقية مرصود لها ميزانية كبيرة من المال العراقي العام اكتفت بمسلسلات تلفازية اعادت الدراما العراقية الى بدايتها في بدائيتها وسذاجتها وسطحيتها ,ولكي نكون اكثر وضوحا لابد لنا من مناقشة الدراما العراقية التي تتعرض الان الى تشويه وتعويم ونكوص بروح التأمل الموضوعية منطلقين من معايير وقيم فنية وجمالية ومن تاريخ حافل بالانجاز والتميز لعدد من المسلسلات والبرامجيات التي تعد علامات مضيئة في المشهد التلفازي العراقي.تناوبت على العمل الدرامي فضائيات عراقية هي الشرقية والبغدادية والسومرية والعراقية ولعل الشرقية والبغدادية اكثر الفضائيات العراقية تحركا وانجازا في مجال الدراما التاريخية والمعاصرة. فقد تناولت الشرقية ومن خلال شهر رمضان نصوصا درامية لكتاب عراقيين وفضلت انجاز تلك الاعمال على الاراضي السورية واوكلت الانتاج الى اسماء معينة كما قامت البغدادية بتقديم اعمالها من داخل الاراضي العراقية وتولت انتاج تلك الاعمال من خلال ممثليها ومنتجيها المنفذين والعاملين داخل الفضائية في بغداد .
اما السومرية فإنها تناوبت في انتاج اعمالها ما بين الاراضي العراقية والاراضي السورية .القاسم المشترك في اغلب تلك الاعمال انها تصدت للواقع العراقي فقدمته قاتما بشعا محبطا وليس ثمة امل للقادمين وليس ثمة منفذ للامان.بل ان احد المسلسلات التلفازية حول بغداد الى مقبرة ورسم علامة تحذير كبيرة من العودة اليها اذ ان الموت هوالمآل امام من يتوجه الى بغداد ..اينما ولى المتلقي العراقي وجهه فهو امام وجوه مرتاعة وافواه صارخة ورصاص ينهمر لايعرف التمييزووحشة وقسوة .او انه امام سفاهة وتهريج واجساد عارية تتلوى وصدور تهتز امام عدسات التصوير وكأن رمضان فتح شهيتهم لكل ماهو مسئ ومنفر ومخجل .ولسنا ضد الرقص والموسيقى فهي فنون ترتقي بالذائقة وترقق الطباع وتغذي الروح لكننا ضد كل ماهو مبتذل ومخل بالحياء والقيم ..وبعد كارثة الاعمال التلفازية ومغالطاتها التاريخية وضعفها الفني ومضمونها المكرور وحدودها الضيقة وافتقارها لعناصر الجمال في التكوين والتركيب وامتداد الصورة البصرية وغناها الدلالي والفني والعجالة في صناعة مسلسل تلفازي يبدأ العمل على تقديمه قبل مجيء شهر رمضان بشهر او شهرين واحيانا يتم بث حلقات المسلسل والتصوير مازال مستمرا خلال شهر رمضان والعمل يتم مونتاجه بعجالة لا تأمل فيها ولاتروي فتقع الاخطاء ويتجلى الارباك في اكثر من مفصل من مفاصل العمل ..بعد كل هذه المصاعب تأتي المصاعب الاخرى وهي التي تتعلق بحقوق الفنان العراقي .
فبعد ان اهدرت الفضائيات العراقية حرمة الدراما العراقية وتهاونت فيها.أجرمت بحق الفنان العراقي فحكمت مديري الانتاج ومنفذيه في رقاب الفنانين . فكان أن أبعد بعضهم واقصى وبعضهم الاخر ممن ارتضى التعامل وخضع للمساومة دفع ثمن اذعانة باهظا اذ تضألت الاجور حتى وصل الامر باحد المخرجين وهو ايضا المنتج المنفذ للمسلسل التلفازي ان دفع للفنان العراقي مبلغ عشرين دولارا عن الحلقة الواحدة في الشقيقة سوريا . دون وازع من ضمير اومحاسبة ومتابعة من الفضائية التي اناطت اخراج العمل الفني به.وبقي التعامل مع الفنان العراقي يتم حسب الامزجة والاهواء والعلاقات القائمة على المنفعة والمساومة والرضوخ مابين الجهات المنتجة والمنفذة للاعمال الدرامية والفضائيات العراقية وبين الفنان العراقي .ليس ثمة عقود تبرم مابين الطرفين تحفظ لكل ذي حق حقه .ليس ثمة نقابة قادرة على الدفاع عن حقوق الفنان العراقي .ليس ثمة وزارة ثقافة قادرة على الحدمن اللاا نضباط واللا احترام للمتلقي العراقي والحفاظ على تراث شعب وثقافة وطن يخضع لجور احتلال.ليس ثمة منفذ للامان والعمل امام الفنان العراقي وليس ثمة من يحاسب تلك الفضائيات على ماتقدم وتضع الضوابط والقوانين التي تحفظ للدراما العراقية وجهها الناصع لتكون وسيلة من وسائل التوعية والتثقيف والتوجيه لما فيه جمع الشمل وزرع الامل وغرس بذور المحبة بين الاهل والاخوان في الوطن الواحد .نحن لسنا مع الرقابة الصارمة التي تضع خطوطا حمراء وتكمم الافواه وتقمع العقول الحالمة بالحرية السلام لكننا مع الرقابةالتي تهذب وتصقل وتعتني بالجمال والفكر وتفتح كوة لضوء النهار في عتمة الاحتلال والارهاب والصبر المر.دعوة الى الفضائيات العراقية لاعادة النظر فيما تقدم وفيما تختار من اعمال وافكار وشخصيات ان تضع في اعتبارها قبل تحزبها وتوجهاتها الايديولوجية ومصالحها الخاصة ان تضع العراق والمواطن العراقي في محنة الاحتلال وخلط الاوراق ولجة الفوضى أمامها كي تختار بترو ومسؤولية ووعي ماينبغي عليها انجازه لان ماتقدمه وثيقة ومرجع لاجيال قادمة عليها ان تقرأ وتتعرف على التاريخ العراقي من خلال الصورة البصرية الدالة والنص الدرامي المكتوب ببصيرة نافذة لا تغفل الماضي وتستشف ما تنطوى عليه صفحات الايام القادمة فالمؤامرة التي يتعرض لها الوطن الان تدعونا لكي نكون بمستوى المسؤولية بعيدا عن السطحية والسذاجة والاستعراض الزائف والتهويلات الفارغة قريبا من نبض العراق وروحه المترعة بألق حضارة عريقة ومرارة احتلال معاصر.وضبابية مستقبل تزاحمت على بابه الاكف والاوراق .رفقا بالعراق ورفقا بالمتلقي ونهوضا بمستوى المخاطر والمحبة.
|