نيويورك تكتشف الفن العراقي المعاصر

المقاله تحت باب  معارض تشكيلية
في 
01/07/2008 06:00 AM
GMT



يرسم محمد الحمداني العنف في بغداد والنزاعات على السلطة والطفولة المحطمة. وبفضل حماسة ملازم أميركي أول وجسارته، تمكن هذا الرسام العراقي من الاشتراك في معرض للفن العراقي المعاصر في نيويورك. إنه كريستوفر براونفيلد البالغ من العمر 28 سنة، وكان هو عسكرياً في غواصة من 1997 إلى 2007، وضابط ارتباط متطوع عام 2006 في قوات الائتلاف في بغداد، ويقول: «يمثل هؤلاء الفنانون مستقبل الثقافة العراقية، إنهم يعيدون بناء إرثهم الوطني، وأردت أن أبدي وجهة نظرهم لشعب الولايات المتحدة». 
 
ويضيف هذا الأميركي ذو الشعر الأحمر والعينين الزرقاوين وصاحب الابتسامة المثيرة للتسامح: «كانت توجد في المنطقة العالمية حوانيت صغيرة حيث كان الفنانون يرسمون الوجوه. كانت غالبية اللوحات مخصصة للسياحة، لكنني اكتشفت في خلفية الحانوت ألواحاً أكثر عنفاً وعصرية لا يظهرونها لأحد. ولطالما ترددت إلى المتاحف».
وعندما تبدأ المغامرة، يلتزم هؤلاء الفنانون الصمت، خوفاً من أن يُعتبروا متعاونين وأن يتحملوا العواقب. جلب لهم الضابط الذي «يحمل شهادة في الهندسة النووية والأدب»، أعمالاً عن متحف الفن الحديث وعن الفن المعاصر الأميركي، وأقام حواراً مع الرسامين، واقترح عليهم أن يرسلوا لوحاتهم إلى الولايات المتحدة، كي يقوم ببيعها وبإرسال المال لهم. وخلال بضعة أشهر، قام الملازم الأول بإرسال أكثر من مئة لوحة عبر البريد العسكري الأميركي. واعترف بما حصل قائلاً: «لم يكن يحق لي فعل ذلك، فكذبت، وقلت إنني صاحب هذه اللوحات. أرسلتها كلها إلى ميشيغان (في الشمال) واستلمتها أمي، وقامت بنقلها إلى كناتيكت (في الشمال الشرقي)». وأشار الى أنه حصل على «دعم معنوي» من رئيسه، وهو جنرال بريطاني.
ولدى عودته إلى الولايات المتحدة عام 2007، أخبره أصدقاؤه عن معرض افتتحه أوديد هالاهمي، نحات من أصل عراقي، في سوهو (جنوب مانهاتن). النحات ولد من أب صائغ يهودي، هاجر في آخر الخمسينات، وتابع دراسته في مدرسة سانت مارتن للفنون في لندن، قبل أن يصل إلى نيويورك في السبعينات، حيث اشترى منزلاً شاسعاً. أصبح مشغله لفترة طويلة، وأصبح هذا المكان الرائع قاعة عرض «بومغراناتيه»، أي الرمانة، ومقر مؤسسة تساعد الفنانين في الشرق الأدنى.
ذهب أوديد هالاهمي بنفسه إلى بغداد عام 2004، وعاد بالكثير من الأعمال الفنية، من بينها مجموعة ملصقات أنجزها قاسم سبتي بعد الحريق الذي اندلع في المكتبة الوطنية عام 2003. تتألف اللوحات من خرق نصوص روسية وإنكليزية وفرنسية، ومن قطع تابعة لكتب قديمة وبقايا أعمال.
ويقول الفنان: «أردت ان يعلموا أن العراق لا يملك فقط النفط بل الثقافة أيضاً. أشجع هنا الحوار بين كل الطوائف، الشيعة والسنة والأكراد، ونعرض أعمالاً لفنانين فلسطينيين أو إيرانيين، لكن أكثر الأعمال تعود الى العراقيين». تباع اللوحات بين 500 و1800 دولار. وتحتفظ قاعة العرض بنسبة، والمال يرسل الى إحدى المؤسسات المصرفية. أما اللوحات الخمس والعشرون للفنان محمد الحمداني عنوانها «ليلة من نار»، فهي تباع انطلاقاً من 20 ألف دولار.
ويضيف: «لو لم يكن لدي هدف كنت لاشتريتها، لكنني أريد أن أنظم معرضاً متنقلاً».
وعندما يغلق معرض «الفن العراقي المعاصر» أبوابه، ينوي كريستوفر براونفيلد أن يذهب إلى الأردن أو سورية، ليسلم المال إلى الفنانين.
بعد ذلك، سيتجه الضابط السابق الذي ترك الجيش وألف كتاباً عن تجربته في العراق، إلى الجامعة الدولية في بولونيا (إيطاليا) ليكمل دراسته.