المقاله تحت باب في الموسيقى والغناء في
08/05/2008 06:00 AM GMT
شيء ما في هامتها ووقوفها البعيد نسبياً عن الميكروفون وقوة صوتها يذكّر بأيام «أم كلثوم». «السلطنة» قد تكون الكلمة الأدق لما حققته المطربة العراقية فريدة في قاعة مسرح المجمع الثقافي في أبو ظبي، التي امتلأت في الحفلة التي نظمتها هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث أول من أمس. افتتحت فريدة ليلة المقام العراقي بـ«سلام على دار السلام جزيل، وعتبي على أن العتاب طويل، بغداد لا أهوى سواك مدينة وما لي عن أم العراق بديل»، وأمعنت بعدها في إيقاظ الطرب والحنين معاً، فإيقاظ المقام وحده كان كفيلاً بإحداث الوجع فكيف به يبكي العراق حيناً ويحن إليه ويخاف عليه حيناً آخر. واختتمت ليلة الشوق الطويلة بـ «حمام النوح» وغنت «يا حمام الله يشهد والبشر فرقة العراق تعبتني دهر...»، وحولت القاعة إلى كتلة بشرية واحدة تصرخ «آه». وهي سيدة المقام العراقي الوحيدة في العالم، ويؤهلها لذلك قدرات صوتها التي تتنقل بين 13 نغمة وتصل مساحة صوتها إلى ما يعرف في الموسيقى بـ»الأوكتافين». حققت فريدة من خلال صوتها انتشاراً كبيراً للمقام العراقي في العالم، وصنفت اسطوانتها السابعة «إشراقات» بين أفضل 10 اسطوانات بحسب مجلة «songlines» الإنكليزية المتخصصة بالموسيقى في عام 2007، كما حصلت اسطوانتها «مواويل ومقامات عراقية» على التصنيف ذاته في عام 2000، واختيرت أغنية من هذه الأسطوانة لتــــدرج في الألبوم الغـــنائي «وورلد ميوزيـــك» لأربعــــين فناناً من مختلف الدول. ولما حققته نجاحاتها من صدى،أحيت فريدة «ليلة الملكة» الهولندية في عام 2004 وغنت أمامها. انتقلت فريدة مع زوجها قائد فرقتها والمؤلف الموسيقي محمد كمر الى هولندا في عام 1997، وعملت معه ضمن الفرقة الموسيقية التي كانت قد أسست في العراق عام 1989 وسميت بـ «فرقة المقام العراقي» وهي امتداد لفرقة التراث الموسيقي التي أسسها الفنان العراقي الراحل منير بشير، ومهمتها احياء المقام العراقي وبقية ألوان التراث الغنائي والموسيقي وتقديمها في المحافل الدولية والعربية، بصوت نسائي. كسر صوت فريدة الحظر الذكوري القائم على المقام العراقي، لا سيما بعد اعتزال آخر مغنيات المقام في أواخر الثمانينات من القرن الماضي. تقول فريدة: «أن أكون سيدة المقام العراقي فذلك يحملني مسؤولية كبيرة، ولكن ما حققته يمنحني الأمل في إحياء هذا التراث». وما تستغربه المطربة العراقية ان هذا اللون الغنائي حقق نجاحاً أكبر بين الأوروبيين، الذي لا يفهمون لغتنا ولكنهم قدروا كثيراً هذا التراث وأحبوه. واعتبرت فريدة أن التراث العراقي قوي ولا يندثر إن استمرت مؤسسات ثقافية وفنية كبيرة في دعمه وإيصاله الى الجمهور، خصوصاً أنه غائب عن الفضائيات التي تهتم بتقديم «السندويشات» كما وصفت الأغاني الجديدة من دون أن توازن في ما تقدمه. قدمت فريدة في حفلتها أغنيات من ناظم الغزالي: «فوق النخل»، «أمسلم وذاكر أهلي» و «الولد نام». وتشارك الفنانة العراقية قريباً في مهرجان دمشقي، ومن ثم تنتقل الى الولايات المتحدة لإحياء بعض الحفلات في ولايات عدّة. يذكر أن فريدة غنت في عشرات المهرجانات العربية والأوروبية، وحظيت باهتمام صحافي أجنبي واسع، ووصفت بـ «أميرة المقام العراقي» و «سفيرة التراث العراقي». كما تمكن مشروعها مع زوجها محمد كمر من تحقيق انفتاح أيضاً على الثقافات الموسيقية الأخرى، اذ عمل في الأسطوانة الأخيرة «الجوزة على الجاز»، مع فرقة جاز هولندية على دمج الجاز بالمقام العراقي.
|