المقاله تحت باب محور النقد في
24/12/2009 06:00 AM GMT
قراءة جمالية لاعمال الفنانة ايمان علي التي تحظى بقوة البناء الحسي .
تبدأ اساليب الفنانة العراقية ايمان علي تتحرك في انساق لونية منسجمة ويظهر ذلك من خلال اساليبها الفنية المتعددة , فهي تجمع بين الفن التعبيري الذي تجلى واضحا في اظهار
رسوماتها بطريقة مميزة ومعبرة عندما حاولت ان تظهر نصف الوجه المعلق على حبل الحمم او نصف العين التي تعبترها جوهرة الانسان فكان السومريون يعتبرونها مدخل للحياة في
رسوماتهم . اما الاسلوب الاخر الذي اعتمدته فهو فن الرمزية وهو معنى مصمم ليوافق اظهار بعض المواضع ذات الرموز الخفية , الى حد انها وصلت في بلاغتها الرمزية لتأكد
المضمون الفلسفي الكامن في وجه اللوحة .وتغمس ريشتها في مضمون اخر عندما تتعامل مع اللوحة بعفوية تكشف الجانب التجريبي ببساطة التركيبه البنائية وقد اكدت تلك المعاني
باستخدام اللون الاحمر والاصفر والازرق مؤكدة انتماءها المعطاء لنشئتها في شمال العراق , فتظر اللوحه في وحدة تكوين لونية متكاملة ومنسجمة وهذا ما يجعل هناك قوة للوحاتها ,
فالمتأمل لمعارض هذه الفنانة يستطيع تصنيف وتحديد اساليبها واتجاهاتها الفنية وهو ما جعلها طائر محلق تتفاعل مع الزمن والمكان ومع ذلك تبقى القيمة الجمالية في اعمالها هي المحك
والفيصل الاساس الذي على اساسه تصور اعماقها وانتماءاتها الانسانية المفتوحة . الطائر المحلق من على قمم الجبال البعيدة ذات الالوان المتوهجة والمشعة التي يتلاشى في بياض ثلجها كل شي بما في ذلك بيوت الطين والاشجار والصفصاف والغابات الكثيفة تبهط ايمان علي
من على حافة ظلالها ليتشظى اللون من بين مشابكها على شجن الصمت حاملة ما يكفي من الاشياء كي تعالج المسافة بين الجمال والحقيقة ..حينما تقرر ان تقف امام لوحاتها فانك قد
هيأت نفسك سلفا لان تقارع حواف وانكسارات اللون بينك وبينك , تغرينا بلهفة الطيران مع لوحاتها المجنحة التي تبرز الالوان فيها حمراء _ خضراء _ زرقاء بشكل يدعو للدهشة
فبمجرد ان تلامس عيناك اللوحة تنمو مع اللوحة وتستطيل قليلا قليلا فينبت لك زغبا وريش واجنحة صالحة لان تطير وتحلق عاليا . تجاوزت منذ اعوام طويلة اختبار الجدارة حين قررت ان تتبنى تجربتها في الفن التشكيلي بعيدا عن البهرجة والاضواء , فكانت تمارس تجربتها الفنية بمتعة حقيقية في مناخ عراقي
قد غاب عنه النقد وهيمنت عليه العلاقات الشخصية التي لم ولن تنتج فنا وابداعا . لازالت تواصل مرحها الانساني النقي والصافي .. متوهجة بالضوء , حيث تتصاعد لديها العفوية
لكي تحافظ على رؤية طازجة دائما . في متاهة الضوء والوجوه والتحليق ورائحة الذاكرة النيئة قررت ان تخرج من عزلتها الذهبية المشعة لتقول ان الاقدار المرسومة لمصائرنا
تحتم فرضيات وقواسم مشتركة مع المكان والزمان والصديق . تاتي انهماراتها التي تشبه الفجر الذي تندلع منه الوان الشفق المحمر على وجنة الصباح , على ايقاع اللون المفتوح
على الطبيعة الشاسعة كأن فضاءا للون يحمل رائحة اعشاب قرى كردستان النائية تلك القرى المضاءة بالصخور والثلج والمطر. رائحة اللون عندها حية ويفوح منها وهج الخضرة
وسعادة الفرح البشري في مواسم الاعياد والمناسبات , هذه الالوان الريانة هي التي تجعل لوحاتها تضج بالافق المشتعل بفناء الابدية الكبير . احلامها المهربة من زمن المشيمة تضعها
على بساط الضوء كتعويض معادل لاحتراقتاتها الانسانية ووجعها الازلي وحزنها الدافيء الذي يتسلل كانه انهمار لموسيقى المطر المشحونة باسى انساني رقيق ومرتجل .
|