هناك اساطير عن المرأة وبطولتها ورجولتها وقد قيل ان المرأة التي تهز المهد بيمينها تهز العالم بشمالها ولكن مطربتنا هزت كل من سمع قصتها لانها قصه نادرة استطاعت بها ان تمتاز بصفة الرجولة واليكم حادثتها: كانت فتاة سمراء حوراء جميلة المحيا مربوعة القامة مكتنزة يسر من نظر اليها وقد اتفق ثلاثة رجال من سكان مدينتها (الكحلاء) في محافظة ميسان على استغلال فرصة انفرادها مع صوتها الرخيم الجذاب تغني به في حقول تلك المدينة الباسمة فيترنح سعف النخيل على نغماته الجميلة وتمطر الاعذاق تمرا كريما لها على تلك الاغاني العذبة, وفي يوم ما كانت الفرصة اذ خرجت مسعوده الى حقلها مع ماشيتها وغنائها ولحق الثلاثة المتأمرون بها ولكنهم عادو مكتوفين بكوفياتهم بعد ان حاولو الاعتداء على شرفها . فمراة تغلب ثلاثة رجال متفقين ومستعدين للقدر وهم مسلحون وهي عزلاء بريئة لاتملك الا شرفها سلاحا تتسلط عليهم لاجدى بان تبدل اسمها من مسعودة الى مسعود وترمي زي النساء لتبدله بالعقال والكوفية البيضاء التي زادتها جمالا على هيبتها وشجاعتها. ولدت المطربة مسعوده بنت الملا سعد عام 1897 في ناحية الحلاء في محافظة ميسان من عائلة فقيرة كانت تمتهن في بيت امير من امراء الاقطاع وقد كان هذا البيت موردا لكل المغنين من الغجر وكانت المطربة تستمع اليهم وتستفاد من ذلك تجربة ومن حياة الرق معاناة ومن كرم الطبيعة رقة وحنانا. وفي بداية العشرينات اشتهر صيتها بعد ان استرجلت كمطربة فاصبحت تفتقر اليها كافة مجالس الطرب وهناك تسلل لمدينتها على الاستماع اليها وكيل من وكلاء شركات تسجيل الاسطوانات فاتفق معها على تسجيل بعض اغانيها على اسطوانات فوافقت وسجلت له مجموعة اسطوانات , وكانت هذه بداية حياتها الفنية في بغداد حيث كان دارها مقرا لهواة الطرب واهله ولم تزل مسترجلة محترمة تتحف السامعين بصوتها الرخيم حتى رافقت المطرب الكبير المرحوم حضيري ابو عزيز في حفلاته وكانت جذابة لما يمتاز بها صوتها من عذوبة النسوة وصراحة الرجولة مما حدى بشركات التسجيل ان تستدعيها خارج القطر فسافرت الى حلب الشهباء وسجلت قسما من اغانيها المذكورة على الاسطوانات التي بقيت تراثا لادبنا الشعبي .ان اهم مايميز المطربة الكبيرة عن سواها من المطربين والمطربات بانها كانت مكتشفة لفن البستة الخالية من التحرير (الابوذية , المقام) وبدون ملل او ضجر وهو فن لم يتوصل اليه لحد الان اي مطرب او فنان الا بعد تمهيد كلامي او موسيقي وبالعكس كانت المطربة الكبيرة تبدأ بالتشبه بلا تمهيد ولا مقدمة موسيقية وهو نموذج من نماذج غناء المواجهة والمناجاة الذي نحن باشد الحاجه الماسة اليه في ظرفنا الحالي وهذا مما يثبت بانها كانت تصوغ اللحن في خيالها دون تنبيه سماعي او ايقاعي. لقد توفيت المطربة الكبيرة متأثرة بالسم بعد ان دس لها في اللبن ولم يعرف من دست لها السم غيرة وحسدا. وكان ذلك عام 1944 والملاحظ ان التي سمتها لم تفلت من يد العدالة فقد حكم عليها بالسجن. اما اهم اغانيها والتي سجلت على الاسطوانة فهي: 1- اغنية سار الضعن 2- سودة شلهاني 3- مايلحك اعله الطاح فزع الكراية 4- مظلومة يبدرية 5- ابو جناغ عدمن ودعته 6-انولينه وانسبينه 7- ذبي العباية 8-خدري الجاي خدري 9- ياشنونه 10- اه ياحبابي 11- خوية محمد يامحمد 12- ابو طوير اريد وياك 13- مطبر يابوية مطبر 14- كصت الموده 15- خي ريض لي 16- ياشط عسنه 17- طب دشر توة 18- اضعون الحملت وضعون شالت 19- يانويعة يابوية 20- ياسكينة 21- انه الذي ربيت وغنت اسطوانه بطريقة المربع وكذلك بطريقة الجوبية . اخذ البحث من كتاب (الغناء الريفي العراقي)
|