يوم غد الثالث عشر من آب يصادف الذكرى التاسعة لرحيل فنانة الشعب العراقي والمناضلة الكبيرة زينب تلك الشخصية الوطنية الفذة التي أوقفت حياتها ، وفنها لخدمة قضية الشعب والوطن منذ صباها وحتى آخر يوم من حياتها المليئة بالعطاء ،على الرغم من كل المصاعب والظروف القاسية التي جابهتها، من فصل وتشريد واختفاء واغتراب عن الوطن، وأخير ذلك المرض الخبيث الذي خطفها منا بعد أشهر عديد كانت تصارع خلالها المرض دون أن يقعدها عن مواصلة النضال يوماً واحداً.
من منا لا يتذكر زينب وأدوارها في مسرحيات [النخلة والجيران ] و[ أني أمك يا شاكر ] و [ تموز يقرع الناقوس ] و [الخرابة] و[ نفوس ] و [ الخان ] و[دون جوان ] والعديد من المسرحيات الأخرى، والتي أعطت فيها كل ما تستطيع، مؤمنة برسالة الفنان الملتزم بقضايا شعبه ووطنه وقضايا الإنسانية جمعاء .
ولم يقتصر دور الفقيدة زينب على المسرح فقط ،بل كان لها دور ريادي في السينما منذ الخمسينات، حيث شاركت بأدوار مهمة في أفلام [ سعيد أفندي ] و[ أبو هيلة ] بالاشتراك مع الفنان الكبير يوسف العاني ،كما قامت بدور البطولة في فلم [ الحارس ] الذي أخرجه الفنان خليل شوقي، والذي نال جائزة مهرجان قرطاج الذهبية .
وبالإضافة الى إنتاجها المسرحي والسينمائي، فقد كتبت العديد من المسرحيات للإذاعة والتلفزيون كان منها [ ليطه ] و[ الربح والحب ] و[ تحقيق مع أم حميد بائعة الأحذية ] والعديد غيرها .
لم يقتصر دور الفقيدة زينب على الجانب الفني في حياتها ،بل كان لها جانب هام آخر نذرت نفسها له طوال حياتها، ذلك هو النضال السياسي مع أبناء شعبها في مقارعة الطغيان والاستبداد، وقد وجدت طريقها في الانتماء الى الحزب الشيوعي الذي كان في طليعة القوى الوطنية المناضلة من أجل حرية الوطن، ومن أجل الديمقراطية والحياة الكريمة للشعب، واستمرت في نضالها هذا حتى آخر يوم من حياتها، وكانت مثال المناضلة الملتزمة، شاركت بكل اندفاع وجرأة في كل جولات الشعب، بدءً من وثبة كانون الثاني المجيدة عام 1948 ، فوثبة تشرين المجيدة عام 1952 ،وانتفاضة عام 1956 ،أبان العدوان الثلاثي على مصر الشقيقة، وتوجت نضالها في ثورة 14 تموز 1958، حيث كانت في مقدمة الجماهير الشعبية التي اندفعت في صبيحة ذلك اليوم لدعم الثورة الوليدة .
وعندما وقع انقلاب 8 شباط السود عام 1963 ،اندفعت الفقيدة زينب مع الألوف من جماهير الشعب العراقي في تصديها للانقلابيين، وفي النهاية اضطرت الفقيدة زينب الى مغادرة العراق إثر الحملة الفاشية التي شنها البعثيون ضد الوطنيين المناهضين للحكم الدكتاتوري الفاشي، فقضت فترات طويلة من حياتها في المنافي بدءً باليمن ثم سوريا وأخيراً استقر بها المطاف في السويد حتى وافاها الأجل. ولقد استمر عطاءها الفني في بلدان الغربة ،ومآثرها الجمة في الميدانين الوطني والفني حيث ساهمت في تشكيل [فرقة الصداقة في عدن ] و [ فرقة بابل في سوريا ] و[ فرقة سومر في السويد ] بالتعاون مع شريك حياتها المخرج الرائع [ لطيف صالح ] ورفاقها الفنانين المبدعين [صلاح الصكر ] و [ سلام الصكر ] و[ رياض محمد و[ صباح مندلاوي ] و[ اسماعيل خليل ] و [ أنوار البياتي ] و [ روناك شوقي ] و[ سهام حسين ] ، وقد قدمت هذه المجموعة الكبيرة من الفنانين والفنانات أعمال هامة كان منها [ مسرحية الحصار ] و [ ثورة الموتى]و[ القسمة والحلم ] و [ المملكة السوداء ] و[ رأس المملوك جابر ] و [الأم ] و [ سالفة أم مطشر ] و [ خماسية الحوذي ـ الوحشة ] ويطول الحديث عن سرد مآثرها ، مما لا يتسع المجال لسرده بهذه العجالة .
المجد والخلود لفقيدة الشعب والوطن زينب ، وستبقى ذكرىأم تأميم خالدة لا تغيب عن أذهان رفاقها ومحبيها الذين يتذكرون على الدوام ما قدمته من مآثر لا يمكن نسيانها . |