يبدو الفنان الفوتوغرافي على طالب في معرضه الأخير الذي أقامه على قاعة ديوان (الشرق-الغرب) وبرعاية (المدى) في الثالث عشر من الشهر الحالي (شباط 2009) يبدو فاحصاً جيداً ممتلئاً حد السؤال الحاد حينما جعل من صباحاتنا مؤجلة.. أي بمعنى آخر أن هذا التأجيل وهو يخالف (عادة الشمس في شروقها) وبزوغ فجر اليوم التالي.. أنه أعطى لمعنى التأجيل إنطباعاً ميتافيزيقياً أو معنى آخر يشابه (التورية) ولماذا نذهب بعيداً فأنه التورية بحد ذاتها. فلا الصباح الذي نعرف سيؤجل مجيئه ولا (علي طالب) الفنان يروم ظلاماً له وللآخرين، انه يؤجل صباحه الى صباح أكثر اشراقاً مما هو عليه الآن، لذا جاءت التورية في عنوانه خزين لانفجارات أسئلة عديدة منها (المبطنة) والأخرى (المعلنة).
إنه يقدم أضحيته (أيامه) التي لا تشبه الأيام التقليدية وفق رؤية فوتوغرافية جديدة وأن أيامه الحبلى بالأحلام والمواعيد المؤجلة والانتظار الطويل هي أيام تترك ظلالها القاسية علينا جميعاً ويستفزنا حينما يراهن على (نصب الحرية) بأننا (سنعود) فيما تكون (حكاية) الرجل الذي يحاصره ضباب الأيام ويستلب منه آخر رشفة من رحيق العمر هي محطة (علي طالب) باستجواب مرير للواقع الراهن.
لقد بنى الفنان الفوتوغرافي علي طالب رؤيته الجديدة في معرضه (صباح مؤجل) بعيداً عن التقليد، في حين كان إرثه الإبداعي السابق ضمن معارض عديدة سابقة يؤشر لكثر من ولادة على طريق الصورة الفوتوغرافية (الإيحائية) وليس (الصورة) المرسومة على رصيف الاستنساخ، انها الصورة التي توحي لنا بأننا إزاء تجربة جديدة في الفوتوغراف العراقي المعاصر لا تخضع لشروط وقوانين الأوصياء على الفوتوغراف الذين يجردون المعاني الحديثة للصورة الفوتوغرافية من روحها التواقة لانتزاع ذاتها من شرنقة القديم.
الفنان علي طالب وحسب اعتقادي قد يكون في معرضه الأخير (مغايراً) يخضع تجربته لأكثر من فاحصة منها تلك المعصوبة بغلاف (الصورة الشمسية).. انها (عين علي طالب) هي التي رأت في هذا التكوين الممتزج بقدرة إنشائية لإعطاء مساحة للتفكير بعيداً عن التسطيع والتداول الدارج للصورة الفوتوغرافية وإعطائها فهماً أكثر جدية لما وصلت اليه الصورة الفوتوغرافية في الأقل ضمن المستوى الفوتوغرافي العراقي الحالي.
وبالتأكيد ان تباين وجهات النظر وتعددها حيال لوحات المعرض هي في مصلحة الفنان ذاته، ذلك ان اللوحة التي تستوقفك هي وحدها الصورة التي تملي عليك (فك طلاسمها) لا ان يشرح لك صاحبها او منتجها أسرار تنفيذها.
فدراسة لوحات علي طالب الفوتوغرافية هي نسق جديد يقترب من الر سم بالكاميرا أكثر مما هي نقل حرفي.
ومن هنا يقول الفنان والأكاديمي المعروف بفن الفوتوغراف عادل الطائي: ان ما خرج من مخيلة الفنان علي طالب شيء يستحق التأمل والوقفة الجادة.. انني أرى في معرضه الأخير هذا ما يجعلني أقول بانه أضاف نوعاً الى ما عليه عبر مسيرته الفوتوغرافية.
|