هذه ثاني مرة أشارك فيها في الكويت. المرة الأول كانت في العام 1989 على مسرح الدسمة ايضا، وأنا سعيدة باللقاء الثاني مع جمهوري الكويتي الذي يحب الغناء العراقي بل يعشقه، كونه قريبا الى المفردة العراقية والجملة الموسيقية العراقية بحكم التقارب الاسري والجغرافي بين البلدين، كوني اول فنانة عراقية تحيي حفلا بدعوة رسمية بعد عودة العلاقات الودية بين البلدين. وما حدث تجاه الكويت من النظام البائد يعتبر جريمة إنسانية لكن الشعب العراقي لا ذنب له، وقد لمست فعلا ذلك الحب الكبير وتلك الحفاوة البالغة بي وبفرقتي، بل وجدت كل الحب والتقدير للفن العراقي الذي له آلاف من المعجبين الكويتيين، وكنت ألمس ذلك من خلال حضور حفلاتي في بعض المهرجانات العربية منها والأجنبية، ولي الكثير من الأصدقاء والأحباب في الكويت.
كيف واجهت المجتمع كونك سيدة تقرأ المقام الذي هو من إختصاص الرجل؟
البداية كانت صعبة خصوصا كوني سيدة أقرأ المقام، رغم أنه كانت هناك لميعة توفيق وصديقة الملاية وكذلك الفنانة المبدعة المعتزلة مائدة نزهت التي عرجت على المقام وغنت منه. لكن بالنسبة إلي تخصصت به تماما عندما درست في المعهد المتخصص الذي أنشأه الموسيقار الراحل منير بشير وتتلمذت على يده وعلى أيدي كبار أساتذة المقام العراقي آنذاك، ما جعلني متشربة فيه وحافظة له. لذا أحببت أن أكون متخصصة في قراءة المقام خصوصا وأنه يحمل النكهة العراقية الأصيلة. كذلك لا أنسى دور زوجي واستاذي محمد حسين كمر الذي كان يدرسني في المعهد ومن ثم تحاببنا وتزوجنا مما أثمر نجاحا كبيرا على المستوى المهني بالنسبة إلي، ولا أنسى أيضا تجربة خروجي من العراق وسنوات الغربة التي لعبت دورها في تأصيل المقام العراقي، الذي أعتبره ملاذي الجميل في شخصيتي وفي فني وإبداعي.
كأي زوجين لا بد أن تكون هناك بعض الخلافات بينك وبين زوجك محمد كمر، كيف تتفاديها خلال العمل؟
لا أخفي سرا إذا قلت لك إنني أوكل كل شيء إليه، سواء بالنسبة الى الفرقة وتجميعها أو بالنسبة الى تقديم أغنيات جديدة أو حتى بالنسبة الى المهرجانات والدعوات التي أتلقاها للمشاركة، فهو يتمتع بحس عالٍ وبعقلانية كبيرة جدا تؤهله لأن يكون صمام الأمان بالنسبة الى علاقتنا كزوجين، وكذلك بالنسبة الى عملنا الفني المشترك. أما بالنسبة الى الخلافات فلا بد أن تكون موجودة لكن نجتازها بسرعة البرق أثناء البروفات، فحرارة العمل وديمومته تذيب كل الخلافات الطارئة.
ماذا عن الأولاد وهل بينهم من يتمتع بموهبة الغناء؟
إبني عبداللطيف عازف عود من الدرجة الأولى، لكنه لم يدرس العزف بشكل أكاديمي كونه ترك العراق وهاجر الى هولندا. عندما جاء الى هناك فوجئت بموهبته وقدرته على العزف بشكل رائع، وخلال تواجده معنا في هولندا إستطاع أن يتعلم أكثر على يد زوجي محمد، وكذلك على يد خاله أخي الذي يعمل عازفا في الفرقة. الآن صقل موهبته من خلال تعلمه الكثير كونه يعيش في وسط فني وأسرة فنية. أما إبنتي ثريا فهي تكمل دراستها الجامعية في هولندا.
كيف تجدين الإهتمام بالفنان العراقي؟
لا أنكر أن العراق يمر في فترة حرجة وصعبة جدا وهي ضريبة الحرية والديمقراطية التي ننشدها منذ زمن، ولكن عتبي على الدولة التي يجب عليها أن تهتم بالفنان العراقي المبدع لأنه يخدم وطنه من خلال مشاركاته ومساهماته الفنية في المهرجانات العالمية. وكثيرا ما ألتقي فنانينا في الخارج وفي بعض دول الجوار وأجدهم متعبين جدا في الغربة وهم في حاجة ماسة الى من يحتضنهم ويتبناهم كي يعطوا الكثير.
وأين العراق في أعمالك؟
يبقى العراق في حنايا القلب والوجدان، أحمله معي أينما أكون، وأنتظر أن تشرق شمس الاستقرار والأمان عليه ليعود بمبدعيه وفنانيه ومثقفيه منارة للفنون الوجدانية في العالم أجمع. لا أعرف كيف أصف لك مدى سعادتي وعنفواني عندما أشارك في مهرجانات عالمية وأجد من يصفق لي بعد ان أنتهي من وصلتي الغنائية، فأشعر أن هذا التصفيق وهذا التشجيع كله لبلدي العراق الشامخ دائما وأبدا.