* اصدرت كتاباً جديداً عن الاغنية الشعبية العراقية ، هل في هذا الكتاب شيء جديد يختلف عما طرحه بعض الكتاب في السابق؟
- إن كتابة النوتة الموسيقية للأغاني التراثية عملية معقدة وغير بسيطة ، لا يمكن لكل من كتب النوتة أن يكون دقيقاً في كتابتها . فالأغنية التراثية معرضة للإضافة والحذف من قبل مؤديها عبر السنين وحسب امكانات وذوق هذا المؤدي ، مما يعرض التراث لخطر التغيير . لذا فقد عملت في كتابي ( أغاني شعبية عراقية-مئة اغنية نصوص ونوتات ) على عمل دراسة مقارنة لكل أغنية من ثلاث مصادر في الأقل لاستخراج اللحن الأساسي من تلك المصادر ، من ذلك ، أخذ إكمال الكتاب مني سنوات طويلة قاربت الربع قرن . إن إعداد مثل هذه الوثيقة العلمية والمصدر المهم للتراث الموسيقي العراقي ، يستأهل هذا الجهد . وقد أضفت في الكتاب ترجمة انكليزية لمضمون الأغاني ليستفيد منه الباحثون والمهتمون من العرب والأجانب ، إضافة الى معلومات عن بعض خصائص الموسيقى العراقية ومجموعة من الدارميات التي يمكن استخدامها في الأغاني.
* لم تزل نكهة الشعر الشعبي المغنى في سبعينيات القرن العشرين عامرة في النفوس بكلماتها وأنغامها، فيما غابت وتلاشت تلك السمات في الوقت الحالي .. برأيك ماسبب ذلك؟
- انت اعلم بالواقع العراقي الذي نعيشه في العراق والذي يهمل الثقافة والإبداع ، بل يحاربهما ، فكيف نتوقع أن ينتج هذا الواقع ابداعاً على مستوى الغناء ؟ هذا إضافة الى الهجرة الاضطرارية للمبدعين العراقيين الى خارج بلدهم وعيشهم الغربة القاسية .
* لكن طاقات فنية كبيرة داخل العراق لم تجد فرصتها الى الان ؟
- هذا صحيح ، فالظروف الحالية غير مواتية لأبداع الطاقات الفنية في الداخل ، إضافة الى عدم تشجيع المسؤولين وتهيئة الفرص لهم ، لا بل أن هناك من يحارب المبدعين ويضيق الخناق عليهم .
* نكهة اللحن العراقي في السبعينيات متأصل في مسامع وذاكرة العراقيين.. هل استطاعت الاغنية المعاصرة الثبات عند المتلقي العراقي على حساب الاغنية او اللحن السبعيني؟
- الأغنية العراقية المعاصرة نوعان ، الأولى اغنية الداخل وهي مقيدة بمفاهيم متخلفة واساليب قهر ظالمة . اما اغنية الخارج فهي تُجاري المجتمع العربي الذي يعيش فيه الفنان وتتماشى مع امزجة وتطلعات شركات الانتاج والفضائيات التي لا تهتم لمستوى الابداع بقدر اهتمامها بالاستعراض الرخيص للرقص .
* اين تجد نفسك بين هذين النوعين من الغناء ؟
- بالنسبة لي كملحن لم أخرج عن نطاق الأغنية العراقية شكلا ومضموناً لأني لم ابتعد يوماً عن واقع شعبنا العراقي لذا كانت كل اغنياتنا عراقية صميمة .
* مسحة الحزن العراقي الطاغية على اللحن والموسيقى والاغنية العراقية هل هي امتداد للحزن السرمدي النابع من واقعة الطف في كربلاء على ارض العراق؟
- لو استعرضنا تاريخ العراق ، قديمه وحديثه ، لوجدنا أن المصائب والكوارث تتوالى عليه، مما يؤثر ، شئنا ام ابينا ، على شكل الغناء وطابعه الحزين . فالطفل العراقي يبدأ سماع صوت امه منذ الرضاعة الى ترنيمة ( دللول ) الحزينه ، ليشب فيرى الفقر والعوز ( عدا القلة ) وعندما يكبر يعيش القهر الاجتماعي والسياسي . كل ذلك له تأثيره وانعكاساته على الغناء . وكان أملنا بعد سقوط النظام الدكتاتوري المتخلف عام 2003 أن تنطلق حناجر المغنين بأغاني الفرح والبناء للعراق الجديد ، لكن ولكن ولكن ...
*ماذا يمثل العراق لكم في منفاكم ونشاطاتكم؟ وهل نراكم قريباً في العراق؟
- العراق بالنسبة لنا هو الهواء الذي نتنفسه كل لحظة ، ولم يغب أهلنا وشعبنا عن بالنا يوماً منذ مغادرتنا العراق الحبيب قبل ما يقارب الثلاثين عاماً ، وكانت أغنياتنا طوال هذه الفترة ( أغاني فرقة الطريق ) تحكي عن الغربة والشوق للوطن ضد الطغاة المستبدين الذين سلبوا الوطن ونهبوا خيراته وابقوا الشعب في ظلام الفقر والتخلف .
والآن ، نرفع صوتنا عالياً ، أما آن لهذا الظلام أن ينجلي بعد أن انزاح ظلام الدكتاتورية ؟ علّ أن يسمعنا السياسيون الجدد ، أتمنى ذلك .
إنه الحلم الذي يراودني وأتمناه طوال بعدي عن عراقنا الحبيب ، ولكن ، قل لي ماذا يمكنني أن أقدم للعراق وأنت أعلم بالواقع ؟ وكما قلت سابقاً وأقولها الآن : لا أرغب أن أذهب الى وطني سائحاً أو لألتقي بأهلي وأصدقائي الذين أشتاق لهم كل لحظة ، وأنا من كوّن نفسه وطور امكاناته لأخدم شعبي ووطني. فليعذرني كل من أحبهم ويحبوني على هذا الموقف . أريد أن اساهم في بناء الانسان العراقي من الجانب الموسيقي ولدي أفكار وخطط قصيرة وطويلة الأمد ، فهل يتحقق لي هذا الحلم؟ هذه امنية أخرى .
*اين اغاني فرقة الطريق من الشعب العراقي والذائقة العراقية الان ؟
أغاني فرقة الطريق كثيرة ، بعضها ذو مضمون انتهى دوره لأنها كانت تحريضية ضد الحكم الدكتاتوري الصدامي المقبور ، وهناك الكثير من الأغنيات الأخرى التي تناسب المرحلة الحالية ولكن ، من يتبنى تسجيلها ؟ هذا هو السؤال .
* ماذا بعد فرقة الطريق؟
- مع معايشتنا الواقع العراقي ، مستمرون بتهيئة أغان جديدة تناسب المرحلة ، ونحن ننتظر الفرصة لتسجيلها وعرضها في الفضائيات العراقية التي ترغب في ذلك .