* بداية، نلحظ احتضانا في شهر رمضان، لأنشطة فنية (موسيقية، غنائية) ذات قيمة إبداعية أصيلة. ما العلاقة برأيك، لهذه الظاهرة المتميزة؟
- تفسيري لهذا الأمر، مرتبط بنظرة الاحترام في التعامل مع الجمهور في هذا الشهر، الذي يبحث فيه القائمون على هذه الأنشطة عن أكثر أشكال صنوف الابداع المختلفة احتراما وثقلا لتقدم الى الجمهور في شهر رمضان، لأهميته الروحية وعلاقة الفن الجيد ولحظة التقديم التي يجب ان تكون على نفس القدر من الأهمية. هذا لا ينتقص من قيمة هؤلاء الفنانين بل يرسّخ مكانتهم، ويوفر لهم الاحترام الحقيقي من قبل الجمهور، والذي لا يتعارض مع قيمة الفنانين ونوعية فنونهم.
×وتريات عراقية الاسم الذي أُطلق على عرضك، هل هو جديدك الموسيقي، وما هي مقومات هذا العمل؟
- العرض اسمه "الحياة إيقاع". وتناولت في هذا العرض علاقة الايقاعات بتغير أنماط الحياة وكونية هذه الايقاعات وانتشارها في العالم في خلال القرون الثلاثة الأخيرة. وضعت مؤلفات جديدة لـ ١٢ شكلا ايقاعيا، منها »البوليرو« و»الرومبا« و»الفالس« و»الباسا نوفا« والـ »تشاشاشا« والايقاعات الكوبية، وتأثير هذه الايقاعات على موسيقانا العربية، وسأتحدث خلال العرض عن كل ايقاع قبل تقديمه: نشأته وتاريخه، وتأثيره على العرض.
العرض هو بالاجمال بحث جمالي ومعرفي للمتلقي كي يصبح جزءا مشاركا من المنجز الابداعي، وليس فقط متلقيا.
* العود هو آلتك. أين مكانه وسط هذه الايقاعات؟
- عودي هو الجسر الصوتي بين المعرفة والجمال. والشكل القادر على إيصال هذه الرؤية، والتأليف على هذه »الريتمات« المختلفة والمتعددة وهنا يأخذ العود أشكالا متعددة أكثر، ويعتمد هذا العرض على تقنيات عالية في الأداء والتأليف وأيضا على مؤلفات ذاع صيتها كثيرا نتيجة نجاحها وتناولها في هذا العصر.
* يُعرف عنك أنك تعتمد على التصوير في مؤلفاتك وموسيقاك منذ عملك »العامرية«. كيف تعالج بُعدك عن العراق بالموسيقى وكيف ترسم صورته نغماً؟
- عملي منذ أول الثمانينيات كان على موسيقى الصورة وقطعنا شوطا في هذا الموضوع وما زال متواصلا. لكن الصورة هنا هي »كود« او رموز وهي متنافرة أجمعها وأعيد زرعها لدى المتلقي. وهذه مهمة تخضع لعوامل متعددة منها الاتقان العالي والتحكيم بالاداة الموسيقية، والمخيلة التي تلتقط بعين مدربة الصورة، لا كما يلتقطها الآخرون، وتقديم هذه الصورة بعمق فكري يمنحها أبعادا متعددة.
من هذه المقدمة، أنا أستنبط الصورة، وأزرع نفسي وكياني داخلها، وأقدمها للآخرين، وأتنقل حيث أشاء، سواء في البيت الذي ولدت فيه والسجن الذي عرفته، او الأيام الجميلة القليلة التي قضيتها في العراق. لكني بروح صافية تمكنت من أن أرى العراق كأجمل ما خلق الله، وما زلت أعيش وسط هذا الجمال الذي ربما يكمن في أحلام يقظتي وأريده جميلا بالموسيقى التي خرجت منه والتي أقدمها. عملي الأخير (أسطوانتي) وعنوانها »ارض السواد« وهذا اسم العراق من أيام الأسطورة عشتار ويعني الخير الوافر. كل نوتة في هذه الأسطوانة تنتمي الى منطقة في العراق بدون أي لبس او استعارة. تبدأ من سيدنا ابراهيم من جنوب العراق، وتوحد العراق عبر جمالياته الموسيقية من أقصى شماله الى أقصى جنوبه.
* من يشاركك من عازفي الايقاع؟
- يشاركني في هذا العرض ثلاثة من خيرة عازفي الايقاع من مصر الأستاذ الفنان يسري عبد المقصود »عازف البنكوز« الذي عمل مع عبد الحليم ووردة ونجاة وكل الكبار، وحاليا يعمل معي منذ سنوات ضمن الثلاثي الذي زرت معه كل دول العالم. أيضا الفنان هاني بدير عازف »كيخون« والفنان الثالث عازف طبلة واسمه خالد ابو حجازي وهناك أدوات ايقاعية كثيرة يتـناوبها الثلاثة أثناء العرض.
العرض ينتمي الى فكر معاصر في التأليف، وبنفس الوقت أعرّج على اضاءات من تراثنا العربي في مجال الارتجال وبعض الأعمال الخالدة التي تناولت ايقاعات بعضها عربي صرف وبعضها متداخل.
* هل تحاول اعتماد الايقاعات لشد انتباه الجمهور، وهل يقصّر العود وحده عن هذا الانتباه؟
- أنا تجاوزت فكرة علاقة العرب بآلة العود بسبب ما تكوّن من ارضية كبيرة تأسست عبر سنين مع العروض المتواصلة. العرض حيوي بالعود فقط لكني دائم التجريب، ومنذ أسبوع قدمت عرضا مع أوكورديون وكونترباص وايقاعات وكان عرضا ناجحا في دار الأوبرا المصرية. وقبلها بفترة بسيطة قدمت عرضا جديدا بأوركسترا أسستها »أوركسترا الشرق« تتألف من ٦٧ عازفا منهم صينيان بالاضافة الى كل ما هو شرق بالمطلق، وقبلها بفترة بسيطة قدمت عرضا مع أفضل ١٥ عازفا من دول اجنبية، وهي اوركسترا لأعواد، قدمت عروضها مع ثلاثين عازف عود في عديد دول العالم.