تشارك اكثر من خمسين فنانة تشكيلية في المعرض التشكيلي للفنانات العراقيات الذي يضم اعمالا لرائدات مثل الراحلة نزيهة سليم والشهيدة ليلى العطار التي فقدت حياتها بسقوط صاروخ أمريكي على منزلها. ويستمر المعرض الذي يقام تحت شعار (المراة المبدعة شمس بغداد) حتى العشرين من الشهر الجاري.
وتبرز العطار في لوحتها الاخيرة المراة العراقية كبقايا جذع شجرة كبيرة يخرج من فتحة دمار هائلة في اشارة الى تحدي المراة العراقية لكل وجوه القساوة. وتمكنت العطار في مشوارها الفني من تسجيل حضورها البارز في المشهد التشكيلي العراقي حيث تعكس اعمالها مظاهر الخصوبة فضلا عن المضامين التي تتصدى لهموم الناس ومعاناتهم. يذكر ان العطار استشهدت في حزيران(يونيو) عام 1993 عندما قصفت الطائرات الاميركية منزلها في بغداد الذي تحول الى ركام. و تخرجت العطار من اكاديمية الفنون الجميلة في بغداد عام 1965 واقامت عدة معارض داخل العراق وشاركت في معارض في الخارج ابرزها مهرجان القاهرة عام 1984 وبينالي مدينة الكويت حيث حصدت جائزة الشراع الذهبي. وولدت العطار عام 1944 وشغلت عدة مناصب منها مدير عام مركز صدام للفنون ومدير دائرة الفنون التشكيلية ومدير المتحف الوطني للفن الحديث. وقالت الفنانة التشكيلية رواء مؤيد لوكالة فرانس برس هذا المعرض المتواضع بتنظيمه والكبير في مفاهيمه الرمزية والفنية يعكس رغبة وقدرة الفن النسوي العراقي لمختلف الحقب على تخطي الحواجز والمصاعب لتبقى القيم الجمالية له حاضرة. واضافت ليس من السهولة ان تتخلى الفنانة التشكيلية في العراق عن تاريخها طالما هناك ريادة نسوية اسهمت في اغناء الحركة التشكيلية العراقية منذ اكثر من نصف قرن. وتنوعت في المعرض التجارب والاجيال وتميزت بعض الاعمال الفنية المعروضة بالتعامل مع تفاصيل جماليات الطبيعة باحساس مرهف مثل ثمينة الخزرجي وجمان جاسم في حين قدمت الفنانة وسماء الاغا لوحات جريئة في رمزيتها وهي تصور العلاقة الانسانية بين المراة والرجل. واعتبر الفنان صلاح عباس اقامة هذا المعرض تاكيدا على اهمية ان تستمر الحياة وتتقدم عجلتها ولو بشكل بطيء فضلا عن كونه اشارة حيوية على ان للفن النسوي العراقي تاريخ وريادة وامتداد عبر هذه التجارب. وتميز المعرض الذي ضم اكثر من 80 لوحة بعدد من الاعمال التي تندرج ضمن المقتنيات المتحفية لدائرة الفنون التشكيلية تعود لفنانات عراقيات رائدات كنزيهة سليم ومديحة عمر وليلى العطار. وتعكس احدى لوحات نزيهة سليم انشغالا بالوجوه النسائية البغدادية واسقاطها على تفاصيل حياتية وبيئية من الازقة القديمة. وتم ترميم هذه اللوحة من قبل دائرة الفنون التشكيلية التابعة لوزارة الثقافة بعد ان طالها التخريب مع لوحات اخرى اثناء نهب مركز صدام للفنون في نيسان/ابريل عام 2003 بعد احتلال بغداد. وتحتفظ دائرة الفنون التشكيلية بست لوحات للفنانة سليم تمثل كل ما تبقى من ارثها الفني. وسليم التي توفيت في العراق في الخامس عشر من شباط/فبراير الماضي عن 81 عاما هي شقيقة النحات الراحل الشهير جواد سليم صاحب نصب الحرية في وسط بغداد وانتمت الى جماعة الفن الحديث التي تاسست عام 1951. وكانت في طليعة الشخصيات النسائية في الحركة التشكيلية الى جانب الراحلة مديحة عمر. يذكر ان الفنانة سليم تخرجت من معهد الفنون الجميلة في بغداد اواخر الاربعينيات واكملت دراستها في معهد الفنون الجميلة في فرنسا قبل ان تعود الى العراق نهاية الخمسينيات.
|