يطغي علي حياة الفنانة.
ومن خلال مزجها للألوان القاتمة نلمس هناك دائما ومضات ضوئية مختبئة تحت ركام السنين الموغلة بالقدم لتظهر علي شكل رؤي وتعابير.
الرسم بقلم الرصاص
كان عمرها خمس سنوات حين قال للشاعر الجواهري:
انت ذكية يا رؤيا ويجب ان تكوني طبيبة، شاعرة، أو رسامة
.قد تكون نبؤة الشاعر الجواهري، قد تحققت و صارت رؤيا رؤوف رسامة و شاعرة !
ولما صار عمرها تسعة سنوات بزغت عندها موهبة الرسم فكانت ترسم بقلم الرصاص وجوه النساء الفنانات في ذلك الوقت، وترسم الالهات القديمة وفي سن الرابعة عشرة صارت ترسم بالالوان المائية وبالفحم وتعبر عن الضل والضوء ثم انتسبت الي معهد الفنون الجميلة قسم مسرح ورسم لانها كانت تعشق المسرح بالاضافة لموهبتها المبكرة بالرسم.. وفي تلك الحقبة من عمرها ومن اجل ان تنمي افقها الثقافي قرأت الفلسفة.. والديالكتيكية، كما قرأت الانسان ورموزه لكارل يونج، وجوستيان ومولير، وجان كوكتو.
فتوسعت مداركها الثقافية وسقت روحها المتعطشة للأدب والفلسفة وبالتالي اغنتها بالكثير من الرؤي الفنية الغنية بمعاناتها لانها تحاكي الهواجس والروح والقلب.
الفنانة رؤيا رؤوف امرأة تفتخر بكينونتها، مثقفة.. واعية.. علي اطلاع واسع من المعرفة وتتمتع بطيبة متناهية.. ودماثة الخلق.. والبساطة. في القاهرة.. منطقة حدائق القبة، كنا مع الفنانة رؤيا رؤوف وتحاورنا مع قدح شاي
(مضبوط) وقلنا للفنانة:
هل تستلهمين اعمالك الفنية من استلهامك للأساطير والفلسفة وقراءآتك الادبية.. ام من خيالك الخصب؟
الخيال الواسع
ـ قالت :
حتما الخيال ليس بالسهل لان الاعمال الفنية تحصد ثمارها من الخيال الواسع الذي يتمتع به المبدع وهنالك دائما تناغم بين الخيال والواقع.. ولو رجعنا سنين للخلف لوجدنا ان التكنلوجيا كانت مسبقة بخيال.. والسينما العالمية ايضا.
الا انها الان اي السينما بدأت تتخلي عن الواقعية لتدخل عالم الخيال والاساطير وذلك لغزو التكنلوجيا عالم السينما وتطويع الخيال وجعله ممكنا مرئيا.
وهنا يأتي دور الفنان ليعبر عنها بحسه ووعيه وثقافته لينقلها الي المتلقي كي تسهل عملية
المحاكاة والمحاورة بين المتلقي والعمل الفني.. حيث ان ادراك الفنان المتمكن يمزج بين
الواقع والخيال بصورة ذكية وبما ان عقل الانسان بمستطاعته ان يوفق بين الواقع والرومانسية لذا سيكون الحوار جميلا وممتعا.
يقولون ان اعمال بعض الفنانين فيها ضرب من الجنون؟
تجيب الفنانة رؤيا رؤوف بحكمة فتقول :
( للقلب عقل لا يعرفه العقل) فمثلا في احد المرات زرت مستشفي المجانين الذين هم عمليا لا عقل لهم.!
لكني وجدتهم يبدعون بالشعر والرسم والتطريز.. اي انهم يمكنهم التحكم بقلوبهم المبدعة حتي بدون تفكير فاللعواطف لمسات اكثرمتعة وتناغم حسية وروحية مثل الحب الذي وجدعند افلاطون وشكسبير.
من اين تستهلمين افكارك ورؤاك الفنية؟
اكثر اعمالي الفنية استلهمتها من الكتب التي اقرأها والاساطير والفلسفة.
من الذي يثير فيك الخيال الفني؟
قرأت لـ اوفيد مسخ الكائنات.. والذي يتحدث عن مسخ الكائنات منذ الخليقة.. فأستلهمت منه الكثير من الافكار.. كما الاساطير الرومانية والاغريقية.. واساطير بابل وسومر التي هما اكثر عمقا وسحرا وينشطان خيالي ورؤاي.
كل اعمالك تدور حول محور واحد هو المرأة. فما تشكل لديك؟
لان المرأة هي الارض ورمز الانسان وهي الجبل والنخلة الشامخة وهي الكبرياء. وهي المياه البدئية قبل الخليقة، ومنذ العماء الاسود حيث كانت الآهات نساء.. وكانوا يتحكمون بالعالم لذا اجسدها لانها تمثل القمة في المجتمع.. ثم لا فرق بينها وبين الرجل من حيث الادراك الفكري والروحي، والعطاء، والعواطف، ثم انها حساسة والرجل مادي.
وهل استطعت ان توصلي هذه الرسالة كما يجب؟
انا حينما اقدم المرأة اقدمها علي انها الجمال ورمز الانسان والحياة.. كما اقدمها لعين الرجل جمالا مضافا لما يراه هو بعينيه من جمال اخر.
ما هي الثيمة التي تقدميها في اعمالك؟
اسعي ان تكون لوحتي مفكرة , وان اقدم قضية للمتلقي وليس عملا فنيا جماليا.. وان يكون ابداعي ذو قيمة فكرية فيها الوعي والادرك الحسي.
الا تشعري انك قدمتي ما يكفي للمرأة؟
ابدا.. فمادمت احيا سأستمر برسم المرأة.. وصبر المرأة.. وتحملها وقدرتها.
ما سبب اللون الغامق الذي يطغي علي اعمالك؟
بطبيعتي احب اللون الغامق.. ولعله الحزن الدائم في اللاوعي.. او لعلي اجد باللون الاسود كل الالوان واي عمل فني لا يدخل فيه اللون الاسود لا يكون فيه اثراء لانه يعطي (انشاء) جيد.. وبالنسبة لي فهو يؤثر ايجابا علي اعمالي.
في احد اعمالك امرأة مشرنقة علي كرسيها بماذا ترمزين لها؟
يمكن ان يكون الكرسي الحياة.. السلطة.. الكون.. كما انها بعيدة عن التفاهات وهي علي قدر كبير من الادراك وسجينة ذاتها والسجن هنا اقصد به عن الموبقات والشوائب.. لذا اصورها بهذه الخيوط الذهبية التي تمثل ثقافتها ومبادئها وابداعها انه سجن جميل ارادي.
ما اجمل لوحاتك؟
كل اعمالي اعتز بها لكن هناك لوحة.. لوجه امرأة وقدم فيه خلخال شذري وهي الان في
لندن فأرسل السفير الايطالي من ينوب عنه الي قاعتي في بغداد قاعة رؤيا وطلب
مني ان اكرر هذا العمل فقلت له :
ان الفنان لا يتكرر.
شئ في حياتك اثر بك؟
انه الحزن.. فحياتي كلها حزينة !
لو استرجعت حياتك وشبابك فماذا تعملين؟
لن اتزوج ابدا.. لانه اثر علي اعطائي الفني وابداعي
(هذا لان الزواج منظمة اجتماعية مغلقة).