|
|
الفن التشكيلي العراقي ضياع وسط حداثة التجريد |
|
|
|
|
تاريخ النشر
11/02/2007 06:00 AM
|
|
|
ادرك تماماً ان الكتابة عن الفن امر شائك، وان الصعوبات قد واكبت النقد الفني منذ بداياته الاولى فقد اتضح من البداية ذلك التناقض ما بين المعنى اللغوي والبصري، والذي ولدته المسافة الواسعة بين بنية اللغة وبنية الصورة، اذ لم تزل الفكرة المرتبطة بمفاهيم اللغة عاجزة امام آنية المشهد، والطريقة المباشرة لحضور الصورة. ان الايقاع السريع للمتغيرات سواء في الواقع او في اشكال التعبير الفني عنه، تفرض على الناقد الان اعادة النظر في الكثير من المنطلقات والمفاهيم التي لم تعد صالحة للعصر بعد ان فقدت فاعليتها، ولا يمكن الاكتفاء بها في مواجهة كل هذا الكم الهائل من عناصر التجديد والتداخل بين الوسائط بل على الحركة النقدية ان تكتشف بدورها الادوات الجديدة والقادرة على استيعاب تلك المتغيرات. لا اجابات نهائية، وانما هي مرحلة تقويمية لما يدور في ساحة الفن العراقي بالداخل والخارج، تتطلب اعادة التركيب، والحفاظ على خصائص اللوحة من التفتت، ورفع الحدود بين التجريد والتشخيص، لتعيد اليها اصالتها بعد تخمة تعددية من الوسائط الغربية الممسوخة، ومن الاستعارات الغربية العنيفة الغاضبة التي ساهمت بالاختناق الروحي الوطني، اذ ثمة تقاليد علينا الحرص عليها ذات امتداد في المدى الاجتماعي والبيئي، لردم فجوة الاغتراب بين المتلقي والعمل الفني بعد ان اصبح كل شيء يبدو غير معقول. ان الفن العراقي يتعرض لنوع من الكسوف، ويعاني الاغتراب بين المتلقي والعمل الابداعي، ان ظلال الكسوف التي تهيمن على نتاجات العديد من مبدعينا تغيب عنها الرؤية الواضحة المطلوبة التي يحجبها الغبار الغربي الصناعي الذي يحكم بهيمنته على قسم كبير يتسع يوماً بعد اخر في الحركة الفنية العراقية، وان لهذه السيطرة اثراً سلبياً على النقد والابداع معاً، فقد تم استبدال كل الاساليب لتكون تحت واجهة مدارس وتيارات الحركة التجريدية. وقد نتجت عن ذلك حالة ضياع لتترك اغلب نتاجات الفنانين المبدعين تحت واجهة اصبح من الصعب التفريق بينهم، وايضاً فهي من ناحية اخرى اصبحت مثل هذه النتاجات خاضعة لمنطق السوق الغربي، مما احدث خراباً بصرياً طاغياً، ليخلق ركاماً هائلاً من المنتجات البصرية المتماثلة التي تغزو القاعات والاستديوهات في الداخل والخارج، يركز اصحابها بحمى متزايدة نحو الركض وراء ارشفة التاريخ الشخصي، بقيامهم بطبع الكتب والكاتالوجات والصرف ببذخ على النقاد لتخفق كل هذه الامور في لعب دورها المطلوب في تشكيل الثقافة والذوق لدى واقع اجتماعي يسير بخطى سريعة نحو الامام من اجل اعادة بناء نفسه بعد عملية تهديم كبيرة استمرت ثلاثة عقود. نحن في النهاية في مواجهة تآكل هذا المشهد الذي يقفز على المتطلبات، وندرك اثره السلبي يتعدى حدود الفن الى ضرب الاحساس بالمواطنة العراقية نفسها وتطلعاتها، مما يعني خلق فن معزول عن نسيج الحركة الثقافية والفنية الراهنة، كوننا نعرف بان السواد الاعظم من المثقفين والمبدعين، ناهيكم عن المسؤولين، يتعاملون مع هذه الفنون بوصفها زوائد هامشية لا تحتل مكانة مركزية في تكوينهم او اهتماماتهم، ولهذه القطيعة تأثير سلبي واضح لا يقتصر على طرفي المعادلة فقط وانما يمتد الى مجمل الانتاج الفني والثقافي بكافة اشكاله. ان التشكيل العراقي انحصرت اسئلته في اشكاليات ثقافية اكثر منها تشكيلية، وعلى الفنان العراقي وهو يمتلك صفة الطليعية ان يتجاوز هذه الاشكاليات الى مسايرة الركب والانفتاح على الاشكال التعبيرية، وان لا يعزل نفسه عن فرص الوقوف على مستجدات الساحة التشكيلية العالمية، الا انه يتحتم على مثل هذه المراجعة عدم استنساخ الاخر والركض لتكرار تجرباته. المشاهد والناقد الاوروبي يوليان اهمية كبرى لمسألة التكنيك، بقدر يتجاوز كثيراً اهتمامهم بالرسالة وبالمحتوى الاجتماعي ودور الفن.. الخ، وعلى ضوء هذه الحقيقة، نتساءل ايحق لنا ان نبحث عن ما يميز ذلك العالم عن العالمين الاخرين مثلاً؟ كملامح عامة، عالم في طريقه للاستقلال، أو في طريقه لاستكمال اقتصاده وتحرره من بقايا الكولونيالية والديكتاتورية، بلد يبحث عن هوية سياسية واجتماعية وثقافية، خارجاً للتو من تجربة فاشية مقيتة، بلد لا تزال تسوده انماط اقتصادية زراعية ريفية، ولم تستطع الصناعة ان تصبح العمود الاساسي لاقتصاده. بلد ابتعدت فيه الغالبية ومنذ عقود عن المشاركة في القرار وفي المشروع الاجتماعي والسياسي، نظراً لتخلف مستويات الوعي، وتخلف الابنية السياسية، وسيادة الانماط العشائرية والقبلية وازدهارها في الاونة الاخيرة. لا اعتقد باننا سنجد في تحليلنا هذه الجوانب، شيئاً نعتمد عليه في التعرف على هموم الفنان العراقي الذي يعيش في الداخل وهو نتاج سياق ثقافي متشكل في التاريخ السياسي والاجتماعي، وتحددت اطلاعاته بمتابعة ما يكتب وينشر هنا وهناك، او ذلك الذي يعيش في الخارج متلقياً بانفتاح ثقافات تلاحقت بينها وبين ثقافته العراقية، استوطنه العراق وانفتح على الغرب بكل تقنياته وتكنولوجياته وتحرره الذاتي والنفسي. اعتقد، بان هناك رابطاً لا يمكن للفنان العراقي ان يفلت منه، او ان يتماثل رغماً عنه بالمبدع الغربي، الا وهو التحولات الخارجية. الفنان العراقي محاط بمجتمع في حالة حركة وبحث وقلق خارجي، ومجتمع الصراعات المكشوفة والحادة، وهذا الفنان لا يمكن ان يشيح بوجهه عن تلك الخصوصية، الا وهي ان عالمه لم يستقر بعد، ولذلك فان المبدع في هذا العالم، يكون مهموماً اساساً برصد وعكس تجربته مع تحولات اجتماعية، أي مع الواقع الذي يتحرك خارجه، بما فيه من كوارث وحروب وتمردات ومذابح وانهيارات وانكسارات.. الخ، بينما المبدع الاوربي، لم يعايش تجربة مستقرة، فانه لا يلتفت كثيراً الى ما يحدث خارجه، اذ ان اهتمامه الاساسي انسحب الى عالمه الداخلي، عالم الذاكرة واللاوعي والحلم، وعالم التجربة الخاصة الفردية، اذ ان الخارج غير قادر على اثارة دهشته فليست هناك احتمالات لتغيرات جذرية، بل انتقالات هامشية من شكل لاخر داخل نفس الاطار، أي ان الخارج اصبح للفنان الغربي، خواء فارغاً، بينما وجد ضالته في غنى الذاكرة وثرائها وعوالم الخيال واعتقد ان هذا هو الحد الفاصل ما بيننا وبينهم، نحن نتابع ما يحدث خارجنا، نهتم بالتغيرات التي تطرأ على مجتمعنا، نهتم بالـ(نحن) اما هم فقد يئسوا من الجماعة ومن فكرة التغيير، ولذلك تحتل "الانا" مركز الصدارة في همومهم كمبدعين، فهل من المعقول ان ننسخ انفسنا وتجاربنا عنهم؟ فنانونا اصبحوا مهووسين باستخدام افكار ورؤى وادوات التشكيل الغربي في طرح موضوعاتهم كابراز عناصر الصراع بين مفردات اللوحة، والاصرار على اقتحام عين المشاهد بعنف ولا تصالح. اما مسالة الهوية في الفن التشكيلي فهي مليئة بالمحاذير والشراك الخادعة، فعلى الرغم من انه يمكن القول ان التشكيليين الغربيين استفادوا من التراث التشكيلي العالمي، واعادوا طرحه بوصفه نتاجاً خاصا بهم جعل مسألة التمايز عن تراث التشكيل الغربي امراً صعباً للغاية، فهو يحتوى ايضاً على منجزات الفنان الشرقي، وفن انسان الغابة، وعلى حلول التشكيل الاسلامية، بل وعلى انجازات الانسان البدائي نفسه. الا ان الفنان العراقي الذي يعيش في الخارج ما زال منقاداً الى ما ينتجه الفنان الغربي، ففي السنوات الاخيرة، حدثت طفرة هائلة في وسائل الاتصال، وفي تداول الرسالات البصرية عبر السينما والتلفزيون والمطبوعات والانترنيت.. الخ الى جانب ظهور عوامل توحيد قوية تقرب ما بين الفنانين باختلاف مواقعهم، مثل المخاطر التي تهدد البيئة، وهذه التقاربات، تقلل من التمايزات التي كانت تتواجد بمفردها في السابق، أي نمو عوامل توحيد التجربة الى جانب عوامل الفصل. ان تواجد الفنان التشكيلي في واقع بصري مغاير وتاثره بالمثيرات التي تداهم عينه، سواء كحالة بصرية للواقع او كانتاجات تشكيلية تنتشر ايضاً في نفس الواقع، الذي يعايشه الفنان العراقي المغترب يتأثر يومياً، اليس لذلك اثر قوي على انتاجه، وهو خارج وطنه.. ان التمايز في حد ذاته مفهوم "ايجابي" بشكل مطلق، انه ابن مرحلة صراع بين تكوين ارقى يحاول فرض نمطه وانتاجه على تكوين اضعف، يقاوم حتى يبقى ولا ينتفي، ويصر لذلك على اعلان هويته وتمايزه في الزمن الماضي. كان عامة الناس وليس النخب كما هو الحال اليوم، يتحدثون عن الفنانين واعمالهم.. حاول كل منهم ابتكار لغة تواصل بصرية من خلال اعماله، لغة ذات قيمة معنوية وفنية تحمل لاعمالهم الديمومة، وهذا بالتحديد ما يميز الفن عن اية لغة تواصل بصري اخرى. لقد رأى الفنانون بعد الحرب العالمية الثانية انفسهم على انهم قوة لتثوير الواقع، ثورة لرفض العديد من القيم والاعراف البالية كالعنصرية والفوارق الطبقية وغيرها، واذا قارنا بهم ثورة فناني (حداثتنا) لوجدنا بان ثورة الاخرين تنحصر في نرجسية البعض وقناعات تحمل الكثير من الغبار الصناعي الكئيب الذي حمله الغرب على اكتافه. كانت سلطة البابوية في عصر النهضة تساهم في تطوير الفن ودفعه الى اعلى مراحل ممكنة للابداع، وعادة ما يضع الفنانون هدفهم الخاص، الا ان اغلبهم ينجذب لانجاز عمل فني يعلمون بان العامة سيرونه وسيتم تقييمه من قبل اخرين ليس للفنانين، باية صورة كانت، كامل الحق في ادعاء هذه الصفة، بالتأكيد لهم الحرية في محاولة ان يكونوا فنانين، غير ان للاخرين ايضاً الحرية في تحديد ماهية نتاجاتهم. الفن الاسيوي، وخاصة في الهند والصين واليابان، يتناقض مع الطروحات الغربية الحالية، فقد كان ولا يزال مصدر الهام الفنانين متمحوراً في الديانات وما يدور في فلكها، ومن خلالها نما وتطور الفن الاسيوي، ومع ان الفن الاسيوي قد تجاوز عبر القرون ذلك الرابط الديني، الا انه لا يزال يستلهم رموز تعبيره عن الحياة من فكرة الخلود والعالم الاخر، كما ان فنونهم لم تسع الا الى الابهار او استعراض المهارات الغربية والبدع الفنية والاساليب التجريدية المفاهيمية السائدة حالياً في الغرب. الفن يحمل في احد جوانبه قيماً اخلاقية، والتقويم الاخلاقي للتجربة الانسانية بواسطة تقنية فنية تجعل من الممكن اجراء تقويم ادق من سواه، فالفنان يجرب ان يفهم تجربته بمصطلحات عقلية ليعبر عن فهمه ويعبر في الوقت نفسه بطريق المشاعر التي نسبغها على اسلوب العمل، من نوع الشعور ومقداره، واعني الشعور الذي يجب ان يثيره ذلك الفهم اثارة صحيحة. وتختلف النتيجة الفنية عن أي تجربة فجة فيما تتمتع به من ارهاف في الحكم، وهذا الفرق كبير المقدار في الفن الجيد، ولكنه فرق في المقدار لا في النوع. لا ادعو الى نوع مهلهل من التبسيط الساذج في العمل الفني، كما لا ادعو لوظيفة الهية لدور الفنان، الا اني من ناحية اخرى اقول ان شدة الوعي المعرفي الانعزالي والابتعاد عن حرفيات العمل الفني يقتل الفن. اهل المذاهب التي يطلق عليها بالحديثة وما بعد الحديثة مروراً بمصطلحات مستعارة بكل سذاجة من عالم الادب والشعر كالتفكيكية والتأويلية والماورائية والدلالية والمفاهيمية.. الخ ومذاهب اخرى تشكلت على شكل مهمات قاصرة على الجدل حول عموميات كبرى متجافية الخوض في شان الطريقة الحقة- فان هذه المصطلحات للمذاهب التي شاعت من قبل بعض العاملين في مجالات الادب كالشعر والمسرح والرواية، حيث الفت كتب، وكتبت دراسات ودبجت مقالات حول عمل العديد من الرسامين العراقيين في السنوات الاخيرة، ما هي الا مسارب معاصرة مغلقة عمياء لا يهتدي فيها من يهمه تحليل الواقع الاجتماعي العراقي، وبينما تتطاير القذائف فوق الرؤوس العراقية، وتكتشف يوماً بعد اخر المقابر الجماعية للعراقيين، فان الفنان الحديث يقبع في منجمه الذهبي ليحفر منقباً عن تجربات تطلق عليها تسمية ما بعد الحداثة تتسم بالغموض والصعوبة بعيداً عن الاهتمام بالذائقة البصرية للناس التي ما زالت محصورة داخل نخبة تضيق مساحتها يوماً بعد اخر، مما ينعكس على الفن التشكيلي ظاهرة اغترابية تستند الى الجانب الاستدلالي عبر تجارب لا تستطيع التكيف الا مع عصرنة العالم وتجلياته المروعة. نحن في حاجة الى الترجمة، لا من لغات اخرى لها عوالمها وقواعدها التاريخية، وانما ايضاً في اللغة المحلية ذاتها منقبين بعيداً عن الكشف عن معدن كريم في العمل الفني يحمل صفات ومواصفات محلية، اذ ليس ما اقوله هو الوقوف في وجه أي ضرب من ضروب المعرفة الحديثة في تطور العمل الفني ومساربه المعاصرة او التقليدية أيا كانت انتماءاته من انطباعية الى تعبيرية او نزعة انسانية جديدة او طبيعية او تجريدية او كلاسيكية او رومانسية او وضعية ولا وضعية او مفاهيمية.. الخ، ولست من اعداء النورانية ولا اقف ضد النمو الذي لابد من ان يتحقق اذا ما تكررت فرص التجارب الا اني احذر من عملية الطيران المرتفعة الى أعال لا تستند الى ارض مستوية قادرة لتقبل الهبوط، فالفن نفسه يستطيع ان يقنع بالصمت الى حين. لا نريد للفن العراقي ان يتحول الى مستودع تخيليً غريب للفاعلية الذهنية عند الفنان العراقي والتي تختفي نسبياً في حال اليقظة الكاملة، فالعبقرية يمكن لها ان تحيا في خفاء غامض وتلد كنوزاً خالدة على وجه لا يمكن تفسيره ايضاً اذ لا يمكن للفن ان يظل دافعه هو الرغبة في تخليد الذات فقط، فالعديد من الفنانين العالميين ارتكزت تجرباتهم اساساً على فكرة التشويه والقمع والرعب كما هو حال العراقيين، الا انهم احتموا بمبدأ الواقعية الرمزية، مثال ذلك الفنان الانكليزي بيكون، الذي حول الرعب والفزع الى مقدار من الرهبة والجلال في اعماله التي لم تخل من الغموض، كما ان بيكاسو عندما رسم آنسات افنيون التي تعتبر مفتتحاً لعالم الفن المعاصر فهي لم تكن محاولة لهضم التراث الزنجي بقدر ما كانت محاولة لتمزيق القشرة التي تكسو الواقع، مضافاً اليها رغبة الفنان في التحطيم واختراق المجهول. ان يهتم الفنان من حيث علاقته بجنسه ووطنه وعصره واسرته وثقافته وبيئته الاولى واصحابه ونجاحاته الاولى ولحظات البداية، ومعرفة استنشاق ذلك العطر الناعم الذي انتجه الاخرون في البيئة التي نما فيها، اضافة الى الموروث الفيزيولوجي عند المتفنن، فعلى هذه القاعة يستطيع الفنان ان يفسر مظاهر التسلسل والمشاركة، وايضاً تفسير الفردية أي الحقيقة التي تجعل من الفنان هذا الشخص لا ذاك، والا فسقوط الموهبة من كل اعتباراتها، ويصبح ما ينتجه الفنان لا معنى له الا من حيث هو وثيقة تاريخية لا تملك اية سمات وطنية، يحاول الفنان من خلالها ان يقول بانه مساير لحركة التطور، ومتابع للحدث الثقافي والمعرفي، الى جانب رفضه الفارغ لكل ما يتعلق بواقع الثقافة الوطني. العمل الفني ليس شيئاً شخصياً تماماً وكانه يسقط من السماء مثل الشهب، فللأرادة وللمطلق والمعرفة وجود بالفعل، فاي تجربة يمكن محاكاتها او اختبارها، كما لا يمكن ايضاً وضع تسوية بين جميع العقول الفنية كما تسوي البوصلة او المسطرة بين الايدي جميعاً. من مهمات الفن اليوم ان يساعد المتلقي على فهم العمل الفني نفسه وتذوقه، وان يساعد الفنان نفسه بفهم موقعه وفنه وتقويمه، مما يعين على تقدم الفن وتطوره، بتعميم المعايير المطلوبة او بتحديدها وتجهيزها، وفي حالات مثل هذه يمكن ايقاظ جيل من الفنانين، لان مثل هذا الامر لو تحقق فانه لا يجعل من الفنان محدوداً بموضوعات وتقنيات وقواعد عملية، لقد وجد العديد من فنانينا انفسهم من الذين طار صيتهم لهذا السبب او ذاك، نهباً موزعاً في اتجاهات لا تحدها مسافة تحت واجهة الحداثة التي تعني عند البعض التقدم. مثل رجل يكتب وناس لا يفهمون وفنان يرسم وناس لا يتذوقون، فما هي اهمية العمل الفني من حيث علاقته بالناس وبحياة الاخرين، بحاجاتهم ورغباتهم؟ وماذا يؤدي هذا العمل المنجز للمتلقي وكيف؟ وما العلاقة بين هاتين الوظيفتين؟ ما الصلة بين العمل الفني؟ ما الممكنات المحتجبة في ابراز سمات العمل الفني والى أي مدى يضطلع محتواه بما هو برهاني ذو معنى؟ من الواضح ان كل هذه الاسئلة تقودنا الى ان الفن بانه خلق لنماذج من التجربة الممتعة وذات معنى، كما انه نسج للتجربة الانسانية في نماذج ممتعة ذات معنى، يتضح ان الفن المبدع ينظم تجاربه التي استمدها من الحياة بنفسه، استمدها من واقعه ومحيطه وبيئته في اكثر الاحوال، ولنا تجارب عظيمة في دور الفنان ونموه في العديد من مجتمعات العالم كونه نور الروح الحية المنطلقة الى معرفة الحياة، ويمكن التوصل الى هذا الفن واظهاره عندما يكون مشبعاً بعلاقته المتكاملة مع الحياة، ولنا في تجربة الفن المكسيكي نموذجاً رائداً في عملية البناء الجمالي الذي استمد من ارض المكسيك بكل طقوسها وجمالياتها تربته الاصيلة. هذا الخبر من موقع جريدة المدى
موسى الخميسي – روما
|
|
رجوع
|
|
مقالات اخرى لــ موسى الخميسي
|
|
|
|
|
|
انضموا الى قائمتنا البريدية |
| |
|
|
|
|
|