ان الخيالImagination  للمصمم هو الاساس الوهمي والمنظور المرئي داخل ذهنيته المبدعة ، بل المسؤول عن عمل الخلق ، المؤدية الى ظاهرة الابداع ، وصولا الى تحقيق التاثير في طرح الفكرة وتوصيلها وبيان وظيفتها ، فالخيال هو تصور ذهني داخل مخيلة كل مصمم .

اما الخيال الابتكاري Creative Imagination (( والذي يوصف بالابداع بالجانب الخيالي لان الخيال في عالم الفن يتسم بالابتكارية اكثر من التصور )) (1) ، و لايمكن ان يحصل الخيال الابتكاري مالم تكن هناك رؤية او بصيرة ابتكارية Creative Insight (2) ، وتكون هذه البصيرة حوار داخلي غير ملموس يدور ما بين الذهنية الداخلية للمصمم وصراعاته الفكرية، والتي تعتمد كافة فعالياتها على حاسة البصر ، الذي بدوره يساعد المصمم على الابتكار وصولا الى الابداع .

وتكون اولى مراحل الخيال في تاليف الفكرة الابتكارية في التصميم وهي اهم فقرة استجابية لتلقي الذهنية الداخلية للفنان المصمم عن طريق حاسة البصر والخاضعة بدورها نفسيا الى ضغوط ، قد تكون مباشرة او غير مباشرة ، في عرضها لمضمون يحتاج الى شكل يصوغه وينظمه واخيرا قد يحقق الجمالية والهدف الاساس منه الا وهي الوظيفة وهدف تلك الوظيفة في اداء التصميم وحداثته ، وهذه العملية المتلاحقة الخطوات توصف بالابتكار Creative .

ولاتكون صفة الابتكار حاصلة ما لم يكن هناك مبررات ابداعية ذات جذور تعتمد على قدرة المصمم الابتكارية Creative Ability ، والتي لابد ان يتمتع بها الفنان المصمم في تحقيق الابداع ، لا سيما في استخدامه لرموزه ، ومعاني تلك الرموز المتصفة بقابليتها على التجدد فضلا عن التاثير المباشر في المتلقي ، وبالتالي تحقيق الاستجابة الابداعية و التقييم الابداعي لذلك العمل ، والحكم عليه بالنجاح ، وتحقيقه للهدف والوظيفة .

يرتبط الابتكار بالاسلوب الفني للفنان المصمم Style فهو الطريق الذي يسلكه المصمم في بناء تصميمه وتنفيذه معتمدا بذلك على حداثة الفكرة واصالتها ،لاسيما الايضاح الواسع للهدف والفكرة منه ووظيفة ذلك التصميم  ((فالاسلوب يمثل شخصية صاحبه تمثيلا صادقا ))(3) .يقول جاكوكتو في اجابته عن ماهية الاسلوب ((انه لكثير من الناس طريقة معقدة جدا لقول اشياء بسيطة جدا ، اما لنا نحن ، فانه طريقة بسيطة جدا لقول اشياء معقدة جدا )) (4)

بيد ان هنالك عدة عوامل ترتبط مع بعضها لتحقيق الاسلوب الابتكاري في التصميم ، الا وهي العلاقات الانفعالية والفكرية ، التي تراود المصمم في بحثه عن عناصر تصميمية تتسم بالموضوعية و التاثيرية وتحقيق اسلوب تنفيذي يعتمد على محاكاة عناصر التكوين ، معتمدة ايضا بشكل رئيسي على التنظيم Arengment في الوحدة التكوينية Unity ، والتي تكون خاضعة لقياسات جمالية ووظيفية .وتحدد تلك القياسية او المعيارية في الفحص الداخلي لاجزاء التصميم والحكم عليه بمحتومية الابتكار وبيان وظيفته واهدافه .ان العلاقات الانفعالية والفكرية التي ترتبط بالاسلوب تكون بمثابة التاليف او التكوين العام ، ((في حين ان براعة الفنان في صنعته الفنية تتعلق بنوع من الحتميات الجمالية التي يستخدمها للتعبير عن حالته الوجدانية ، وتحويلها من مجرد حالة شعورية الى تعبير فني متكامل ))(5) .

ان قدرة المصمم في ابتكار فكرة تصميمية حديثة هي الطريق المؤدي الى الابداع ، في المعنى والتوصيل واللذين بدورهما يتصلان بالتفكير الابتكاري للمصمم في عرضه ، وعرض هدفه من خلال تصميمه المقترح ، يعرف شتاين الابداع بانه (( عملية ينتج عنها عمل جديد يرضي جماعة ما او تقبله على انه مفيد ))(6) ، (( وهو استعداد الفرد لتكامل القيم و الحوافز الاولية Archaic بداخل تنظيم الذات والقيم الشعورية وكذلك تكامل الخبرة الداخلية مع الواقع الخارجي ومتطلباته ، وذلك حسب تعريف كلويفر ))(7) ، فالابداع هو عملية عقلية تعتمد على مجموعة من القدرات ويتميز بعدد من الخصائص اهمها (( الحساسية للمشكلات ، الطلاقة ، الاصالة ، الجدة ، التفرد ، المرونة ))(8) من ما تقدم فان مساحة الخيال لدى الفنان المصمم ، وصولا الى انتخاب وحدات وعناصر ترتبط بعلاقات واسس فنية في تحديد نظام تصميمي يعتمد على الابتكار فالابداع ، عن طريق وضوح الهدف والوظيفة ، فضلا عن الفكرة وما تحدثه من تاثيرات واستجابة في المتلقي ، وتتم تلك الاستجابة وفق ما يكتشفه التصميم من ابتكار وابداع ، ليكون او يجسد الخطاب الابداعي الذي يعتمد على التشكيل المبتكر ، والمتحقق الابداعي ، لاسيما ان ذلك سيحقق نظام فني متكامل يعتمد على الايصال الفكري والمتحقق الجمالي ، ويرتبط المتحقق الجمالي بالدلالة والمعنى .

ان الخطاب الابداعي في التصميم يكون مرتبطا بقدرة المصمم الذاتية علىالابتكار وعلى حكمه المعياري والتخميني على استجابة المتلقي و تذوقه للعمل الفني والتذوق الفني في معناه البسيط ((هو الاحساس بالجمال ومن ثم الاحساس بالانسان ، والتناغم النفسي او الراحة النفسية التي ربما لاتعرف مصدرها ولكنك تحس بها ، فالتذوق الفني اذن عملية متصلة ، وليست عملية لها بداية ونهاية ))(9) ، في التصميم الصحفي المتعلق بشكل مباشر مع الحياة اليومية لانسان العصر ، فهو من اهم وسائل الاتصال الجماهيرية ، والتذوق الفني هنا يكون اساسا بل قائما على التصميم الابداعي في توزيع العناصر التيبوغرافية من صور و عناوين والوان ومساحات وكتل واشكال الخ ، والتي تحددها عدة اسس وتكون تلك الاسس مرتبطة حسب وظيفتها في التصميم الصحفي وهي الاسس الفنية والاسس النفسية ، و الاسس الفسيولوجية)) (10) ، ولكل من تلك الاسس هدفها ووظيفتها الموجه والهادفه ، ولما كان الاخراج الصحفي (( احد الفنون التطبيقية الحديثة ذات الارتباط الوثيق بالتعبير الصحفي والاتصال الجماهيري فهو فن عملي بالدرجة الاولى وليس فنا جماليا كالتصوير والنحت والموسيقى وهو ليس زينة او زخرفة معينة بل هو تعبير واتصال وهو في جوهره تصميم فني يقوم على اسس صجفية ونفسية وجمالية ))(11) .ان قدرة المصمم على الابتكار في اسلوب الاخراج الصحفي مرتبطا مابين الذوق والفكر او ما بين الشكل والمضمون والتي تنصب في النهاية لتحقيق الرسالة الاعلامية المتسمة بالوضوح والابداع في توجيه وبث الفكرة من وراء التصميم وهذه الرسالة تكون مرئية بهيئة صور او تخطيطات او باضافة الحروف ، ((ان الحرف الطباعي برغم محاولات ادخال عمليات المونتاج الطباعي عليه او تزويقه او تزويره – يبقى سيد التوثيق والتصديق في الوسيلة الاعلامية ))(12). وتكون الرسالة المرئية المبتكرة هدفا مرئيا للمصمم والذي يصطلح عليه في العملية الاعلامية والاتصالية ، بالمرسل في نقله الافكار الابداعية الى المتلقي او المتذوق وهو القارىء والذي يصطلح عليه بالمستقبل للافكار والاشكال المرئية عبر التصميم الابتكاري المبني على اسس رصينة مع تمازج الخيال وصولا الى الابداع ، وكما هو الحال في التصاميم الصحفية فهو ايضا رسالة واضحة عبر تصاميم اغلفة الكتب ، ((فالكتاب لم يعد اداة للقراءة فقط ، ولكنه ايضا فن جميل تسر لرؤيته العيون ))(13) .

ان النظام التصميم المبني على الخيال والتخيل والقدرة على الابتكار ومن ثم تحقيق الابداع المعتمد على الاسس الفنية المؤلفة للوحدة التصميمية وعناصر بناء التكوين ياتي اللون Colour ((حيث يساهم اللون في تحقيق الفكرة وايصال الهدف ، فهو يزيد من الواقعية ، وقد يزيد من الرمزية، وقد يعكس حالة نفسية وقد يكون لمجرد الزينة ))(14) ان اللون لاياتي مطلقا فحسب بل ياتي مؤلفا للصور ، او الاطارات العامة ، والوان الحروف الطباعية ، باختلاف احجامها وانواعها ، لذلك فترافق اللون اساليب معينة في الايضاح البصري ، ويمكن للصور الواقعية ان تستعمل الوان غير واقعية لكي تعكس حالة نفسية او لكي تضفي معنا رمزيا (15) ومن الاسس الاتصالية الاخرى هي الحروف الطباعية ، حيث يكون لاحجامها وتنضيدها واسلوب عرضها والوانها الى ذلك ، كل تاثير له غاية وتختلف كافة تلك الاسس باختلاف الوظيفة والهدف المرتبط بالفكرة المبنية على القدرة الابتكارية التخيلية للمصمم نفسه وتحقيق الابداع الذي يؤدي الى تحديد الخطاب الاعلامي الموجه من التصميم وتحقيق العملية الاتصالية الناجحة من التصميم .