بغداد - لمياء نعمان
بعد مسيرة مطرزة بالابداع رحل بصمت مطبق النحات العراقي اتحاد كريم (مواليد/1940 – خريج كلية الفنون الجميلة) الذي يعتبر من المجددين في فن النحت الذي أخرج مضامينه الى الفضاء لتجسيد معان خلفتها طروحاته وأفكاره التي شخصت فيها الانسان بكل حالاته ..
الفنان الذي تعرض الى جلطة دماغية لثلاث مرات سارعت الى تدهور صحته لتفقده حياته ..فهو لم يطق احتمال رؤية الخراب و ما آلت اليه مشاهد الحياة العراقية ..وعلى الرغم من محاولات من جمعية التشكيليين واتحاد النحاتين العراقيين بتوجيه دعوة ومناشدة الى السادة المسؤولين لابداء العناية لهذا الفنان الذي تملكه العجز والفاقة أزاء ما يتطلبه علاجه من مصاريف.
اعمال الفنان تمتاز وتتصف برشاقتها يستقي افكاره من واقعه الاجتماعي والفكري والتي تعبر عن الروح المحلية ومزاوجتها بالحداثة كما هو الحال في اعمال الفنانين العراقيين عقب متغيرات المدارس والتيارات والهوية الفنية للعديد من الحركات الفنية أبان القرن العشرين... والفنان يعتبر من جماعة الستينيات والسبعينات وكان ضمن جيله اسماعيل فتاح الترك ...نداء كاظم ..ليلى العطار ..عبد الرحيم الوكيل ..وعلي طالب ,صالح الجميعي ,سالم الدباغ وضياء العزاوي ورافع الناصري, ماهود احمد ..راجحة القدسي .... بهيجة الحكيم..علاء بشير ,,راكان دبدوب ,,,ومحمد عارف ,,,وآخرين ..
أشتهر الراحل بعمله “ المرأة والرجل “ الموجود في حديقة الزوراء وشارك النحات الراحل اسماعيل فتاح الترك في انجاز تماثيل الرصافي وعبد المحسن الكاظمي والواسطي وأشترك في العديد من المعارض العربية والدولية منها انكلترا والمانيا وروسيا وكندا وروسيا وامريكا وحصل على جوائز عالمية ..
اتحاد كريم أحد الفنانين الذين أغنوا حركة التشكيل المعاصر في العراق بأسلوبه الذي مزج ما بين الواقعية والحداثة والتجريدية وشخوصه لها سمة الاستطالة الطويلة والمجنحة مغّيرا تركيبة الجسم البشري ليمنحه ميزة مختلفة لفتت له الانتباه ليخرج بالمنجز النحتي الى مدارات تعددية الحركة من خلال وجود أرضية بمثابة الصحن تدور حوله المفردات من الشخوص ...كان يعتم كثيرا بالمرأة ويعطيها زخماً تعبيرياً أن كان ذلك في البورتريت أو في حركة الجسد ..وفي معرض احاديث أصدقائه قال: النحات الرائد عبد الجبار البنا : اتحاد كريم من الفنانين المميزين فقد كانت له هواية حبه للنحت تصميم السيارات وعرض الكثير من تلك التصاميم في السبيعينات وشارك بها في معرض بغداد الدولي ..وطلبت منه شركة يابانية في العمل لحسابها وتنفيذ بعض من تلك الرسوم للسيارات وهو نحات مميز فعمل في البرونز ومنمنمات صغيرة من الخزف ونفذ الكثير من الاعمال بالشمع ...وبسبب شخصيته الهادئة ابتعد كثيراً عن الفنانين وما يسمعه من اكاذيب ...
النحات هادي عباس ..قال عنه بعدما تألم كثيرا لرحيل صاحبه: أن الجو الفني لم يعجبه فأنسحب يعمل فقط في بيته ...وأعرف أن الراحل أغراه فن السيراميك فأتجه اليه ليزواج ما بين النحت والخزف ..
نداء كاظم .هو الآخر تألم لفقدان احد اصدقائه المخلصين ..ويعتبر ذلك نذير شؤوم فأوضح بأن شريحة الفنانين مهملون وأنانيون في نفس الوقت فلا أحد يهتم بصحة وأطالة عمر الفنانين من زملائهم وقد رحل عنا المبدع اتحاد كريم بسبب الاهمال وبعدما يموت المبدع تتاجر الحكومة بموته ....وأضاف هناك مسائل علينا متابعتها ,,,والمفروض ان ترعى الدولة رموزها ومبدعيها وعوائلهم ..وها نحن نفقد آحد رموزنا الفنية دون ذكره من قبل الدولة ودون ان يحظى برعايها واهتمامها وهذا ما يجعلنا نتألم كثيراً والفنان كما تحدث عنه نداء كاظم أنزوى ليعمل ويعيل عائلته وأتجه للاعمال التجارية لغرض تحسين وضعه المادي والاجتماعي فهو لم يتقاض على الاطلاق اي راتب من الحكومة ولم يكن له معين على أعانته وهو عانى من ظروف صحية صعبة ...وهو من اصدقائي الاعزاء وشخصيته رائعة وهو صادق فى تعامله مع فنه ومفرداته ومضامينه ورؤياه وهو صاحب الاعمال التي تنطلق شخوصه الى الافق والانطلاق من الفضاء ...
“ملحق فنون” شارك اسرة الفنان الراحل عزاءها ومواساتها ومن داخل البيت واثناء مراسيم الفاتحة تحدثنا مع زوجته ام حيدر التي ذكرت العديد من المواقف والذكريات التي اعتبرتها سنوات وحياة رائعة وجميلة مع الفقيد وقد عاشت معه 33 عاماً وانجبت منه ولدين و3 بنات وكانت سعيدة بحياته معه وذكرت الكثير عن شخصيته الرصينة والهادئة والعطوفة والمحبة والحنونة ..تقول اهتم كثيراُ بأولاده وبيته وبفنه ...ولم يتوسل ويقابل احد لأجل نفع مادي ...اشارت الى تعرض الراحل الى 3 جلطات دماغية كانت صعبة، الاولى أقعدته طريح الفراش وأصابته بشلل نصفي كان ذلك بسبب خوفه على بلده والناس والاهل كان يتألم عندما يرى ما آلت اليه الامور ...وبعد تغيرات عام 2003 لم يعمل سوى داخل البيت في الاستوديو الخاص به وكان المعرض الاخير الذي شارك به في الكويت عام 1991 ولكن عند سماعه بولادتي رجع قافلاً وترك المعرض بما فيه ..وصار الاجتياح وفقد كل اعماله هناك ..واصحابه الحوا عليه مؤخراً فشارك في معرض في بيروت قبل 3 اسابيع تقريباُ ..وتحدثت بحزن حول عدم الأخذ بجدية رعاية زوجها وفنانين اخرين ومبدعين ,,وذكرت ان الامريكان جاؤوا لبيتهم وقدموا لهم المساعدات للاطفال وللبيت بعد سماعهم بالفنان ولخوفي على بيتي رجوتهم بالابتعاد كون الاوضاع الامنية غير جيدة ..وكانوا يرغبون في الاهتمام به وتسفيره خارج العراق وحتى السفير البلغاري وقبل فترة قليلة وقبيل وفاته أرسلوا بطلب التحاليل والفحوصات والجوازات لغرض تسفيره للخارج وعلى حسابهم الخاص لغرض علاجه والجانب العراقي لم يكلف نفسه بالسؤال عن صحته التي استمرت تتدهور الى ان رحل بصمت دون ضجيج ...وذكرت ام حيدر أن المدى قامت بصرف مبلغ 900 دولار ولمرتين ..والجمعية اهدت له درع التميز .وقالت ...مات وهو عزيز النفس ..وذكرت ان النظام السابق منحه قطعة ارض كبيرة في الراشدية وبعض من المال لكنه تبرع بها للفقراء والمعوزين ...وقالت اخيراُ أود أن يبقى اسمه مذكوراُ في سجلات الحكومة التي لم يعمل فيها .وأن يصرف له راتب تقاعدي كونه فنانا ومبدعا عراقيا لتذكره الحكومة في ذلك فلا أريد احد ان ينسى اتحاد كريم..فكثير من الشخصيات قدموا الى بيتنا وقدموا الوعود والاحلام والسفر للعلاج لكنها كانت أكاذيب ولكن في نفس الوقت هناك اصدقاء يزورنه باستمرار حتى اصدقائه من الخارج يأتون لزيارته عندما ياتون لأهلهم في العراق ويعتبرونه معلما وفنانا ومبدعا ..
أبنته دلال قالت أن والدي لم يرغب في السفر خارج العراق للعمل فهو يحب بلده كثيراً ولم يترك ارض الوطن فمات فيه ..وهو ما كان يرغب فيه ولكنه كان يتألم من الاهمال والتهميش الذي حاصره في حياته فقد كان طريح الفراش لعامين دون أن يكون احد من الشخصيات والمسؤولين يسأل عنه .فقط أصدقاؤه المقربون..
|